صور لشهداء مجزرة صیف عام 1988 في ایران
الحوار المتمدن-سعاد عزيزکاتبة مختصة بالشأن الايراني:
من يقوم بعملية مراجعة لما يرد في تصريحات المسٶولين في نظام الملالي وفي وسائل إعلامهم، فإنهم يصورون أنفسهم کمدافعين عن الحقوق الانسانية وعن العدالة ويقفون بوجه الظلم ولا يريدون إلا الخير والسلام للشعوب ولکن وعند مقارنة هذه المواقف النظرية بما قابلها من مواقف عملية، فإن التناقض بينهما کبير جدا کبعد الارض عن السماء!
التمسکن وإظهار البراءة والوداعة وبشکل خاص خلال هذه الفترة، قد أصبح من ميزات نظام الملالي وهو يرفع عقيرته ليل نهار بهذا السياق وحتى يزعم بأنه يتعرض لحملة دولية غير مسبوقة من أجل تشويه سمعته وصورته أمام العالم، والمثير للسخرية إن النظام يتصرف هکذا وکأن الذين إرتکبوا مجزرة السجناء السياسيين بحق أکثر من 30 ألف سجين سياسي صیف عام 1988، قد جاءوا من کوکب آخر، أو إن حملات القمع والاعدامات الجارية على قدم وساق والعداء والکراهية المفرطة للمرأة، أمور يجري إرتکابها من دول العالم وليس النظام أو إن التدخلات السافرة في بلدان المنطقة وتصدير التطرف والارهاب لم يکن من جانبهم.
الملفت للنظر إن النظام الذي جعل من إيران سجنا کبيرا يزخر بکل أنواع الظلم والحرمان، لم يکتف بذلك بل وحتى إنه يقوم بمتابعة ومطاردة الذين خرجوا من إيران هربا من الظلم ومن الاوضاع المزرية التي يعيشونها، ولئن تصور هذا النظام الاحمق بأن کل ما يقوم به من نشاطات إجرامية ومشبوهة ضد الايرانيين ولاسيما المعارضين السياسيين لن يکشف أمرها، ولکن تطوران مهما حدثا خلال الايام الماضية کشفا الوجه البشع لهذا النظام.
بهذا الصدد، فقد أفادت إذاعة “أوليس” الرسمية الفنلندية (Yle) يوم الخميس 30 مايو/أيار، بأن جهاز الأمن والمخابرات الفنلندي (SUPO) أضاف النظام الإيراني رسميا إلى قائمته للدول التي تمارس أنشطة تجسس نشطة ضد فنلندا، لينضم بذلك إلى كل من روسيا والصين. هذه الخطوة تأتي مصحوبة بتحذيرات جدية من احتمالية لجوء طهران إلى أساليب أكثر خطورة، بما في ذلك استخدام العصابات الإجرامية لتنفيذ عمليات على الأراضي الفنلندية.
ولم يحدد جهاز (SUPO) بشكل تفصيلي طبيعة المعلومات التي يسعى النظام الإيراني للحصول عليها، لكنه أكد أن من الأساليب الشائعة للأنظمة الاستبدادية هو “التجسس على طالبي اللجوء”، خاصة أولئك الذين يعرفون بمعارضتهم السياسية أو انتقادهم للسلطات في بلدانهم الأصلية. وأوضح التقييم أن هذه الأنظمة توظف طرقا متعددة لجمع المعلومات عن معارضيها في الخارج، من بينها “التجسس البشري”الذي يعتمد على تجنيد الأفراد، وفي بعض الأحيان، استخدام أقارب المستهدفين المقيمين في الوطن الأم كوسائل ضغط، بهدف نهائي هو “إسكات أصوات المعارضين في الخارج”. ورغم أن SUPO أشار إلى وجود دول أخرى تمارس التجسس على فنلندا، إلا أنه لم يتم تسميتها.
وبنفس السياق، فقد كشفت أسبوعية “نوفيل أوبسرفاتور” الفرنسية في عددها الصادر بتاريخ 27 مايو/أيار 2025، عن تفاصيل مقلقة حول أساليب عمل النظام الإيراني في استهداف معارضيه في أوروبا. ويسلط التحقيق، الذي حمل عنوان “مجرمون صغار ونمط متكرر لعمليات الظل للنظام الإيراني على سلسلة من الهجمات في فرنسا”، الضوء على كيفية اعتماد طهران على شبكات إجرامية لتنفيذ عمليات سياسية في الخارج، بما في ذلك الترهيب وحتى محاولات الاغتيال.
وذكرت “نوفيل أوبسرفاتور” أن ستة أشخاص استدعوا مؤخرا للمثول أمام محكمة بونتواز الجنائية (في مقاطعة فال دواز الفرنسية) بتهمة مهاجمة مركز للمعارضة الإيرانية في عام 2023. وأشارت المجلة إلى أن “هذه القضية تظهر أسلوب عمل طهران: الاعتماد على شبكات إجرامية لتنفيذ عمليات سياسية خارج البلاد”.
ويسرد التحقيق وقائع الهجوم الذي استهدف مبنى “جمعية سيما” – التابعة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية – في المنطقة الصناعية “فيرت غالان” بسان أوين لومون، حوالي الساعة السادسة صباح يوم الأربعاء 31 مايو/أيار 2023. وصل رجلان يرتديان ملابس سوداء بالكامل في سيارة مستأجرة (تم استئجارها بحساب حقيقي)، وبعد مغادرة السائق، قاما بتمرير قنابل مولوتوف ومسدس عبر السياج. أطلق أحدهما ست رصاصات بينما كان الآخر يصور المشهد بهاتفه المحمول، ثم ألقيا قنبلة مولوتوف – اشتعل فتيلها بصعوبة – باتجاه السقف وفرا هاربين. ورغم أن الأضرار كانت محدودة، إلا أن الحادث أثار حساسية بالغة نظرا لطبيعة الهدف.