صورة لللاحتجاجات في ایران-آرشیف
الحوار المتمدن-سعاد عزيزکاتبة مختصة بالشأن الايراني:
لم تعد الاحتجاجات الشعبية الغاضبة مقتصرة على طبقة أو شريحة إجتماعية من الشعب الايراني أو على مدينة أو عدة مدن، بل إنها وبسبب الاوضاع بالغة السلبية التي يعاني منها الشعب الايراني بسبب من الحکم القمعي الفاسد لنظام الملالي، فإنها صارت تشمل الشعب الايراني بکل طبقاته وشرائحه الاجتماعية وسائر المدن في کافة أرجاء إيران.
النظام الرجعي الاستبدادي ومن خلال تماهيه في نهجه القمعي وفرض حالة إستثنائية على البلاد ظنا منه بأنه ومن خلال ذلك سيتمکن من فرض سيطرته على الشعب الايراني، لکنه لم يحصد سوى الخيبة والخذلان لأن الشعب الايراني مصر على مواصلة مواجهته للنظام من أجل الحرية وفي سبيل إسقاطه.
النهج القمعي التعسفي للنظام والذي يضاعفه بلا هوادة من أجل السيطرة على الاوضاع ومنع إندلاع الاحتجاجات الغاضبة ضده ولاسيما من قبل الفقراء والمحرومين الذين صاروا يشکلون أغلبية الشعب الايراني وبشکل خاص العمال الذين ينالهم قسط کبير من الظلم الممنهج لهذا النظام ولاسيما وإنه قد سعى جاهدا لمنع تشكيل الاتحادات والنقابات العمالية، بهدف إبقاء شرائح المجتمع الكادحة بلا سند أو متحدث باسمها أو ممثل لها، وإبقائهم تحت رحمة العمل اليومي والعقود المؤقتة. لكن ما يحدث اليوم هو أن أفراد الكادحين أنفسهم قد انتفضوا في مواجهة مباشرة مع النظام، وبدأوا في تجميع صفوفهم المهنية والاجتماعية للانتقال من “الأنا” الفردية المعزولة إلى “نحن” المتحدون ضد ديكتاتورية الملالي. وتتردد أصداء هذا التحول في هتافات المحتجين من مختلف أنحاء إيران:
ـ من مدينة أهر، يقول أحد المضربين: “نحن أضربنا حتى يتم إصلاح عملنا.”.
ـ ومن يزدانشهر ونجف آباد، يتردد النداء بين سائقي الشاحنات (في 24 و25 مايو/أيار): “أبناء يزدانشهر في إضراب. يا أهل نجف آباد! لا تقوموا بالتحميل حتى يتضح الأمر.” ويضيف سائق من يزد: “تحية للجميع. شكرا لإرادة السائقين، هذا هو الاتحاد. كل هذه الشاحنات تقف صفا واحدا.”
ـ وفي بروجرد، يقول سائق يشارك في إضراب 24 مايو/أيار: “انظروا إلى إضراب سائقي الشاحنات في بروجرد. لطفا، احترموا بعضكم البعض. هؤلاء جميعا صامدون حتى يتم إصلاح الأمور.” ويؤكد آخر في 25 مايو/أيار: “أنا أقف هنا من أجل هذا الاحتجاج، تضامنا مع جميع سائقي إيران، لن أتحرك. إذا تحركت، أكون قد أهنت نفسي. كل ما يقوله هؤلاء المساكين هو كلام حق وعدل.”.
ـ وعلى طريق طهران-كرج السريع، بالقرب من برند، يهتف سائق بحرارة: “تحية للزملاء الأعزاء. حقا، أنتم أبطال. أصحاب الشاحنات هنا جميعا في إضراب. هذا الوقت من اليوم يكون هذا المكان مليئا بالشاحنات الثقيلة. واصلوا على هذا المنوال حتى يحل الأمر. أقبل أياديكم فردا فردا. واصلوا.”.
ـ أما سائق شاحنة من زابل فيصرخ بغضب: “كل شيء أصبح باهظ الثمن؛ قطع الغيار، الوقود. لا أحد يستجيب، وكأننا غير موجودين أصلا.”.
لقدت تزايدت هذه الأصوات وتلاقت الموجات الاحتجاجية لتشمل إضراب سائقي الشاحنات في أكثر من 130 مدينة عبر 30 محافظة، والذي استمر رغم ضغوط الترهيب والترغيب التي مارسها النظام، وذلك لتحقيق مطالبهم الدنيا: تعديل أجور الشحن، تأمين حصص كافية من الوقود، توفير قطع الغيار، ضمان الأمن الوظيفي، والتمتع بالتأمين والخدمات الصحية.
إن متوسط هذه المطالب يمثل القاسم المشترك لمطالب جميع الفئات المهنية والاجتماعية في إيران؛ مثل تعديل تكاليف المعيشة، تأمين الاحتياجات الحيوية، ضمان الأمن الوظيفي، وتوفير التأمين والخدمات الصحية. هذا الوضع يكشف أن نظام الملالي قد سلب كل هذه الحقوق وأنفقها على الحفاظ على بقائه وتمويل أجهزته القمعية والاستغلالية لضمان استمرار هيمنته. وهذا يعني أن معركة الحق في الحياة قد تحولت إلى قضية سياسية بحتة في مواجهة نظام الملالي.