حدیث الیوم:
موقع المجلس:
في الوقت الذي يتجاهل الولي الفقيه علي خامنئي الواقع المرير بزعمه الوقح أنه “لا توجد مسألة خاصة في الأجواء العامة للبلاد”، و في خضم الإضرابات والاحتجاجات العارمة التي تهز إيران، تتصاعد حالة من الذعر والقلق العميق في أوساط النظام والمتشددين المقربين منه. ويتجلى هذا الهلع بشكل خاص في الخوف من انفجار الأوضاع الاجتماعية نتيجة لأزمة الكهرباء المتفاقمة والانقطاعات المتكررة للتيار، والتي باتت تهدد بتحويل السخط الشعبي إلى انتفاضة شاملة.
حیث في ظل حكم الملالي لقد وصلت أزمة الطاقة والكهرباء إلى نقطة اللاعودة، حيث يُقدر العجز في توليد الكهرباء بنحو 30 ألف ميغاوات مع نهاية ولاية حكومة بزشكيان الحالية. ويرى المسؤولون والخبراء ووسائل الإعلام الحكومية أن احتمال حل هذا النقص شبه مستحيل. وتتوقع مصادر مثل “بهار نيوز” أن تصل ساعات انقطاع التيار الكهربائي في الشتاء إلى 8 ساعات يومياً خلال عامين، وإلى 14 ساعة خلال أربع سنوات. ولم يجد وزير الطاقة في حكومة بزشكيان، علي آبادي، مفراً من الاعتراف بخطورة الوضع قائلاً: “نحن الآن في وضع حرج للغاية”.
تحذيرات من الداخل: الخوف من “احتجاجات عنيفة” و”التهاب المجتمع”
بدأت أصوات التحذير تتعالى من داخل المنظومة الإعلامية والبرلمانية للنظام. فقد حذرت صحيفة “جهان صنعت” الحكومية من وقوع “احتجاجات عنيفة” و”التهاب المجتمع”، وكتبت: “إن انقطاع الكهرباء عن المدن الصناعية أدى إلى استياء واسع النطاق بين العمال، وفي بعض المدن الصناعية تُشم رائحة احتجاجات عنيفة… في هذه الأيام القادمة، ربما تصبح الدعوة إلى التهدئة ومطالبة المواطنين بالتعاون مع الحكومة أداة صدئة لا تجدي نفعاً ولا تخفف من التهاب المجتمع. كل يوم يمر على هذا النحو، يقترب سرطان انعدام الكهرباء من قتل المجتمع الإيراني”.
وفي برلمان النظام، عبر النائب أحمد جباري عن قلقه من الآثار الاجتماعية السلبية لـ”تفاهات” حكومة بزشكيان وترديدها المستمر لكلمة “عدم التوازن “، واصفاً ذلك بأنه “لعب بروح ونفسية الناس”. وقال جباري: “تحذيري موجه إلى وزير الطاقة، السيد علي آبادي، الانقطاعات المتتالية للكهرباء استنفدت صبر أهالي جنوب البلاد الأعزاء والشرفاء، وخاصة محافظة هرمزكان. حياة الناس وأعمالهم تواجه صعوبات… قطع الكهرباء عن الناس في حرارة 50 درجة في الجنوب، والله وبالله، ليس له أي مبرر منطقي أو عقلي. لماذا تلعبون بروح ونفسية الناس بمصطلحات مثل ‘عدم توازن’ الطاقة؟”
واعترف نوروزي، عضو آخر في برلمان النظام، بعجز السلطة عن حل أزمة الكهرباء قائلاً: “ماذا نريد أن نفعل؟ نحن الآن ندخل شهر يوليو، ثم شهر أغسطس، ذروة الحرارة. لا كهرباء ولا ماء. ماذا يجب أن يفعلوا؟ تكاليف تأمين المصانع ارتفعت، ووضع الخبز على ما هو عليه”.
احتجاجات الخبازين تضاعف رعب النظام
زادت الاحتجاجات التي نظمها الخبازون الكادحون في الشوارع، والذين تضرروا بشكل كبير من انقطاع التيار الكهربائي، من خوف وقلق النظام بشأن تداعيات أزمة الكهرباء. وفي هذا السياق، حذرت صحيفة “اعتماد” الحكومية: “انقطاعات الكهرباء أوصلت الاستياء العام إلى ذروته وأضعفت الثقة بالحكومة. في معظم المدن، احتج الخبازون”. ووصف أحمد فاطمي، عضو برلمان النظام، هذا الوضع بأنه “تحدٍ هائل”، وقال بخوف وهلع: “لقد تحولت مشاكل المخابز اليوم إلى تحدٍ هائل… لماذا لا تستجيبون؟ بخصوص الانقطاعات المتكررة للكهرباء والانقطاعات الواسعة، أحذر؛ لقد استنفد هذا الموضوع صبر الناس. لقد استنفد صبر الوحدات الإنتاجية وأصحاب الصناعات” (وكالة إيسنا، 21 مايو/أيار).
إن التناقض الفاضح بين تطمينات الولي الفقيه خامنئي الزائفة والمخاوف الحقيقية التي يعبر عنها حتى أركان نظامه، يكشف عن عمق الأزمة التي يتخبط فيها. فبينما يحاول خامنئي إيهام نفسه والآخرين بأن الأمور تحت السيطرة، فإن الواقع على الأرض، من انقطاع الكهرباء إلى غلاء الخبز إلى شلل قطاعات حيوية، ينذر بانفجار شعبي قد لا تتمكن آلة القمع من احتوائه هذه المرة. إن الخوف الذي يستشعره “المتشددون” ليس وهماً، بل هو انعكاس حقيقي لبركان غضب يغلي تحت سطح مجتمع لم يعد يطيق هذا المستوى من الفشل والفساد والقمع.