إضراب سائقي الشاحنات في عموم إيران لليوم الخامس على التوالي
موقع المجلس:
حلقة جديدة في مسلسل الاحتجاجات المتصاعدة شكل يوم الاثنين، 26 مايو 2025،
والتي تجتاح إيران، حيث واصلت قطاعات واسعة من الشعب الإيراني التعبير عن سخطها العارم ضد تردي الأوضاع المعيشية، والفساد المستشري، والقمع الممنهج. لليوم الخامس على التوالي، استمر إضراب سائقي الشاحنات في شل حركة النقل في العديد من المحافظات، بالتزامن مع احتجاجات فئات أخرى كالمتقاعدين من مختلف القطاعات (الاتصالات، النفط)، وعمال المخابز، وأصحاب الحرف، مما يرسم صورة واضحة لبلد يقف على فوهة بركان، وشعب لم يعد يطيق الصبر على الظلم والتجاهل.
موجز الاحتجاجات في أنحاء إيران :
كرمانشاه (متقاعدو الاتصالات): احتج متقاعدو الاتصالات ضد ما أسموه “نهب” مؤسسات كبرى مثل “هیئة التنفیذ بأمر خمینی الملعون” و”مؤسسة تعاون حرس النظام”، متهمين إياها بالتهرب من دفع مستحقاتهم. وواصلوا احتجاجهم بمسيرة رفعوا فيها شعار “أيتها الشركة ذات الدخل المرتفع، ماذا حل بك؟”.
الأهواز (متقاعدو النفط): نظم متقاعدو قطاع النفط تجمعًا احتجاجيًا، معبرين عن مطالبهم (لم ترد تفاصيل إضافية حول المطالب في البلاغ الأولي لهذا الحدث).
ميناء خميني (سائقو الشاحنات): استمر الإضراب الحماسي لسائقي الشاحنات مع توقف كامل لتحميل البضائع، مؤكدين: “نُسكِت الطرقات حتى يسمعوا صرختنا!”.
أردبيل (سائقو الشاحنات): لليوم الخامس، واصل سائقو المركبات الثقيلة إضرابهم، ممتنعين عن تحميل البضائع احتجاجًا على الأوضاع المعيشية والمهنية.
احتجاجات متقاعدي الاتصالات : نُظمت تجمعات احتجاجية منسقة لمتقاعدي شركة الاتصالات الإيرانية في عشرات المدن ضد الظلم الهيكلي والوعود الكاذبة من كبار المساهمين كـ “هیئة التنفیذ بأمر خمینی الملعون” و”مؤسسة تعاون حرس النظام”.
آققلا، گلستان (سائقو الشاحنات): انضم سائقو آققلا بقوة للإضراب، مطالبين بإنهاء التمييز في توزيع الوقود وقطع الغيار، وإلغاء العمولات الجائرة، ومكافحة الفساد في مؤسسات النقل.
شرق أصفهان (سائقو الشاحنات): في يوم الإضراب الخامس، انضم سائقو شرق أصفهان للمحتجين، مؤكدين: “الحكومة لا تسمع صوتنا، والتوقف هو سبيلنا الوحيد!”.
تربت جام (سائقو الشاحنات): استمر إضراب سائقي تربت جام، مطالبين بحل مشكلة الارتفاع غير المسبوق لأسعار قطع الغيار والإطارات، ونقص الوقود، وغياب الدعم التأميني والفساد الهيكلي.
كرمانشاه (سائقو الشاحنات): في اليوم الخامس لإضرابهم، نقل عن سائق محتج رسالة للمسؤولين: “لا تتجاهلوا هذه المطالب، هذا ألم آلاف السائقين الذين يشكلون عمود النقل ولا يجدون دعمًا”.
مشهد (الخبازون): تواصل إضراب خبازي مشهد مع إغلاق العديد من المخابز، احتجاجًا على إهمال الحكومة وعجزها عن حل مشاكلهم المتعلقة بتأمين المواد الأولية وارتفاع التكاليف.
ميبد، يزد (سائقو الشاحنات): لليوم الخامس، واصل سائقو ميبد بمحافظة يزد إضرابهم تضامنًا مع باقي المدن، ممتنعين عن تحميل ونقل البضائع.
لنجان، مركزي (سائقو الشاحنات): نظم سائقو لنجان بمحافظة مركزي تجمعًا احتجاجيًا ضد تردي الأوضاع المعيشية ومشاكل التأمين والوقود، معتبرين الإضراب صرخة ضد إهمال الحكومة.
شيراز (سائقو شاحنات التفريغ): تصدر سائقو شاحنات التفريغ (القلابات) الاحتجاج، ممتنعين عن التحميل، ومنددين بغلاء قطع الغيار، والإطارات الرديئة، وتجاهل الحكومة لمطالبهم.
صدرا (سائقو قلابات ومشغلو آليات): أضرب سائقو القلابات ومشغلو الآليات الثقيلة، معلنين: “تعبنا من الظلم!”، وشكوا من قائمة طويلة من المشاكل كالنقص الحاد في الديزل، وفساد التأمين، وغلاء قطع الغيار، والفساد في توزيع حصص العمل.
“هیئة التنفیذ بأمر خمینی الملعون”: كارتل اقتصادي يمتص دماء الشعب تتردد أصداء الاحتجاجات بشكل متزايد ضد مؤسسات ذات نفوذ هائل يُنظر إليها على أنها تجسيد للفساد ونهب الثروات في إيران. من بين أبرز هذه المؤسسات ما يُعرف رسميًا بـ “ستاد اجرایی فرمان امام” (مقر تنفيذ أوامر الإمام). ولكن في أدبيات المعارضة وبين عموم المنتقدين للنظام، يُشار إلى هذه الهيئة باسم “هیئة التنفیذ بأمر خمینی الملعون“. يُنظر إلى هذه الهيئة على نطاق واسع كإمبراطورية اقتصادية مترامية الأطراف، أو كارتل يتمتع بامتيازات استثنائية ويسيطر على قطاعات حيوية من الاقتصاد الإيراني، بعيدًا عن أي رقابة أو شفافية حقيقية. وتُوجَّه إليها اتهامات متواصلة بالفساد الممنهج، ونهب ثروات الشعب الإيراني، وتكريس الفقر وعدم المساواة، وأنها تعمل كأداة لتعزيز نفوذ أركان السلطة على حساب معيشة المواطنين ورفاههم. هذا الدور المشبوه جعلها هدفًا متكررًا لغضب واحتجاجات الفئات المتضررة من سياساتها الجشعة، كما تجلى بوضوح في احتجاجات متقاعدي قطاع الاتصالات هذا اليوم الذين اتهموها بشكل مباشر بالتهرب من دفع مستحقاتهم المشروعة.
خاتمة: غليان شعبي ينذر بعاصفة التغيير في مواجهة نظام مأزوم إن المشهد الإيراني اليوم هو لوحة حية لغليان شعبي لا يهدأ، حيث تتلاحق فصول الاحتجاجات كأمواج متلاطمة تضرب أسس نظام بات معزولاً عن طموحات شعبه وآلامه. لم يعد الأمر مجرد تظاهرات متفرقة، بل هو تعبير عن حالة رفض جماعي لواقع مرير، وإدراك متزايد لدى مختلف الشرائح بأن الظلم واحد وأن المصير مشترك. لقد تجلى وعي جديد لدى المحتجين؛ وعيٌ يتجاوز المطالب الفئوية الضيقة إلى تحدي جذور الفساد والاستبداد،
وتسمية المسؤولين عن معاناتهم بأسمائهم، كما رأينا في استهداف مؤسسات كـ “هیئة التنفیذ بأمر خمینی الملعون” و”مؤسسة تعاون حرس النظام”. بات واضحًا للمواطنين أن الوحدة والتصدي المباشر هما السلاح الأمضى في مواجهة آلة القمع.
أما النظام، فيبدو أنه قد استنفد جعبته من الحلول، ولم يعد يملك سوى لغة واحدة: لغة القمع. فبدلًا من الاستماع لصوت الشعب، يُطلق العنان لقواته لترهيب المحتجين وتفريقهم بالغاز والهراوات والاعتقال، كما حدث في سنندج بالأمس مع السائقين، وقبله مع الخبازين في مشهد. لكن هذه القبضة الحديدية، التي طالما راهن عليها النظام لإدامة سطوته، بدأت تفقد فعاليتها، بل وأصبحت تأتي بنتائج عكسية، إذ لم تعد سياسة الترهيب تُجدي نفعًا مع شعب كسر حاجز الخوف، بل إنها تزيد من تأجيج نيران الغضب وتعمق الهوة السحيقة بين الحاكم والمحكوم.
إن إيران تقف اليوم على مفترق طرق حاسم. فالنظام، الغارق في فساده وعناده، يقود البلاد نحو مأزق تاريخي، بينما يتصاعد زخم الاحتجاجات وتتحد صفوف المنتفضين. هذا التناقض الحاد بين إرادة شعب تواق للحرية والكرامة ونظام متشبث بالسلطة والقمع، لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية.
إن شرارات الغضب المتناثرة في كل زاوية من زوايا الوطن، مرشحة بقوة لتتحول إلى عاصفة تغيير كبرى، وانتفاضة شعبية عارمة قد تجتث الظلم من جذوره وتفتح الباب أمام فجر جديد طال انتظاره.