هربًا من العزلة الإقليمية وضربات سياسية ثلاثية، خامنئي يختبئ خلف الخطابات التهجمية
موقع المجلس:
لجأ الوليالفقیة الإيراني علي خامنئي إلى خطابٍ هجوميٍ لمواجهة سلسلة متصاعدة من الضربات السياسية والدبلوماسية التي تلقّاها نظام الملالي بعد زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السعودية وقطر والإمارات، حیث يعبّر لبعجوم في مضمونه عن قلقٍ عميقٍ واستعصاءٍ استراتيجي في أعلى هرم النظام الإيراني.
تصريحات هستيرية تكشف عمق الاستعصاء…
خطاب خامنئي الذي ألقاه في 27 مايو 2025 خلال لقاء رمزي مع عدد من المعلمين، لم يكن خطابًا اعتياديًا، بل جاء في سياق ردٍّ دفاعيٍّ هش على الرسائل الحادة التي وجّهها ترامب خلال زيارته للمنطقة، خاصة فيما يتعلّق بعزلة النظام الإيراني، وحجم التحالفات العسكرية والسياسية المناهضة له.
اكتفى خامنئي بالقول: «بعض التصريحات التي أطلقت خلال زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة لا تستحق الرد».
ولكن هذا التجاهل الظاهري لم يلبث أن تحوّل إلى حملة سبّ وشتم سياسية عبّر فيها عن سخطه، قائلاً: «ترامب يدّعي أنه يريد استخدام القوة من أجل السلام، لكنه كاذب. إنهم يستخدمون القوة من أجل المجازر في غزة ولإشعال الحروب».
الفزع من العزلة… والتهديدات الفارغة
تزامنت زيارة ترامب مع صفقات تسليحية ضخمة بين الولايات المتحدة والدول الخليجية الثلاث، ما اعتبره النظام تشكيلاً صريحًا لجبهة ردعٍ إقليمية. في المقابل، سعى خامنئي إلى التشكيك بهذه التحالفات بالقول: «الرئيس الأميركي قدّم نموذجًا لهذه الدول مفاده أنها لا تستطيع الصمود دون الولايات المتحدة لأكثر من عشرة أيام».
ثم تابع محاولًا استنهاض العواطف المهترئة: «الولايات المتحدة ستخرج من هذه المنطقة، والكيان الصهيوني يجب أن يُستأصل، وسيُستأصل».
خطاب يائس يكرّر شعارات مفرغة
رغم كل هذه الادعاءات، بدت نبرة خامنئي مرتبكة ومشحونة بالخوف السياسي، إذ لم يقدّم أي موقف أو بديل استراتيجي حقيقي، بل كرّر الشعارات القديمة حول “زيادة القوة” و”المقاومة”، في الوقت الذي يعاني فيه نظامه من:
عزلة دولية خانقة
اضطرابات داخلية متصاعدة
انهيار اقتصادي حاد
ومخاوف من ضربة دولية محتملة على خلفية البرنامج النووي
بل إن خامنئي نفسه أقرّ ضمناً بذلك حين قال: «نحن نزيد قوتنا في وجه أعدائنا… نعم، يمكن استخدام القوة لتحقيق الأمن والسلام، لكنهم لم يفعلوا ذلك».
تهرّب من المواجهة… واحتراق في الزوايا
المفارقة أن خامنئي، الذي حاول تجاهل حديث ترامب، عاد ليخوض في تفاصيله مكرّرًا وصف «الكيان الصهيوني» بـ«الغدة السرطانية»، ومعلناً أن هذا الكيان “لا بدّ من استئصاله”. لكنه لم يتطرّق لا من قريب ولا من بعيد إلى المحور الحقيقي لأزمة النظام: فقدان الحلفاء، وانكشاف المشروع التوسّعي، ورفض الشعب الإيراني في الداخل، والانتقادات المتصاعدة ضدّه في المحافل الدولية.
خطاب خامنئي الأخير لم يكن استعراضًا للقوة، بل تجلّيًا صارخًا للضعف والانكشاف. تكرار التهديدات، ورفع الصوت بشعارات جوفاء، لا يخفي حقيقة أن نظام الملالي يتلقى ضرباتٍ استراتيجية من الداخل والخارج، وأن خامنئي، في خريف سلطته، لم يعُد يملك سوى الكلمات المتأخرة والهجوميات العقيمة.