صورة لعمال فی ایران-آرشیف
بين تمجيد العمّال وقمعهم… خطاب خامنئي محاولة لتزييف الغضب الشعبي
موقع المجلس:
في خطاب متلفز بمناسبة “أسبوع العمال”، ظهر علي خامنئي محاطًا بحشد منظّم رسميًا قُدّم على أنه من الطبقة العاملة، حيث روّج لما سماه “وفاء العمال” للنظام، مؤكدًا أن العامل هو “الركيزة الأساسية للإنتاج”، وداعيًا إلى ثقافة استهلاك الإنتاج المحلي. لكنه في الوقت ذاته، تجاهل عن قصد كل ما يتعلّق بالمفاوضات النووية الجارية، وتحدّيات الانهيار الاقتصادي، وخصوصًا أزمات العمل والمعيشة.
وفي محاولة منه لتلميع السياسات الاقتصادية السابقة، أشاد خامنئي بـ”الهالك إبراهيم رئيسي”، مدّعيًا أن حكومته أعادت 8000 مصنع إلى العمل. هذا الرقم غير مدعوم بأي تدقيق أو إحصاء رسمي، ويبدو محاولة لتغطية السياسات الفاشلة التي حوّلت الخصخصة إلى نهب مُمنهج على يد مؤسسات تابعة لحرس النظام.
“في حكومة رئيسي، أعيد تشغيل 8000 مصنع… نعم يمكن إعادة تشغيل المصانع المغلقة” – خامنئي
ومن النقاط اللافتة في الخطاب، اعتراف خامنئي بوجود كوارث مهنية تهدد حياة العمال، مثل الحوادث في المناجم والمصانع. لكنه اكتفى بالإشارة إلى أن “هذه الحوادث مؤلمة”، دون التطرق إلى غياب الرقابة أو مسؤولية الدولة، مكتفيًا بتحميل الوزارات التنفيذية مسؤولية المعالجة، قائلاً:
“كلّ ما ذكره الوزير كان صحيحًا، لكن المخاطب بهذه الكلمات هو نفسه والوزارة التابعة له” – خامنئي
وأضاف أن من حقوق العامل: الأمان المهني، السلامة البدنية، وضمان المعيشة. إلا أن الواقع الميداني يُكذّب هذه العبارات، في ظل عشرات الحوادث السنوية، وانعدام التأمين، وطرد جماعي للعمال في القطاعات الحيوية.
وامتد خطاب خامنئي ليشمل مواضيع متعددة، من المصانع إلى الموانئ، في ظل أزمة اقتصادية خانقة. في الوقت الذي يطلب فيه من العمال الصبر والولاء، تتفاقم الأزمات من الإضرابات إلى انهيار صناديق التقاعد، فيما تستمر سياسة تفريغ المؤسسات الإنتاجية من محتواها وتسليمها لأذرع مالية تابعة للنظام.
وعلى غرار عادته، حاول خامنئي تمرير المسؤولية إلى حكومة بزشكيان، عندما قال إن الوزراء المعنيين هم المسؤولون عن تلبية المطالب، في إشارة إلى سياسة التنصّل من المحاسبة. كما لم يُبدِ أي التزام واضح تجاه تحسين وضع الطبقة العاملة، مكتفيًا بالعبارات العمومية والتصفيق الجماهيري المبرمج.
وبدلًا من التطرّق لأزمات إيران الداخلية، اختتم خامنئي خطابه بالتباكي على أوضاع سوريا، معتبرًا أن التقدّم الميداني هناك “دليل ضعف”، في تبرير عبثي لانحسار نفوذ النظام في أهم ساحة خارجية له. هذا التراجع الدراماتيكي، الذي يُعدّ انتكاسة لمشروع تصدير الثورة، انعكس في انفعاله الأيديولوجي ضد دمشق، وقراءة مغلوطة للواقع الجيوسياسي.
“ما يجري في سوريا ليس قوّة، بل علامة ضعف… وكل هذا سيزول” – خامنئي
خطاب خامنئي لم يحمل جديدًا سوى محاولة مكشوفة لتزييف الواقع عبر تمجيد ماضٍ منقرض، وتوجيه اللوم للوزارات، والتلويح بشعارات جوفاء. لكنه فشل، كما في كل مرة، في التصدّي لحقيقة دامغة: أن مصدر الفقر والمعاناة العمالية في إيران هو السياسات التي يقرّرها بنفسه.