موقع المجلس:
فقد تحوّلت ذکری يوم العمال العالمي في إيران إلى ساحة مواجهة مفتوحة، بفضل التحركات النوعية والمنظمة التي نفذتها شباب الانتفاضة في أكثر من عشرين مدينة، حيث قام بهجمات مركّزة على مراكز القمع ورموز النظام، ما شكّل تعبيرًا ميدانيًا عن الغضب المتراكم لدى الطبقة العاملة، ورسالة صريحة بأن المقاومة لم تعد شعارًا بل ممارسة. و لقد اتسم يوم العمال العالمي في إيران هذا العام في مشهد يتسم بالفقر، والقمع، والبطالة، وانفجار مروّع في بندرعباس أودى بحياة عشرات المواطنين، معظمهم من العمال.
الرسالة الأبرز من هذه التحرّكات كانت واضحة: العامل الإيراني لم يعد يطالب فقط بحقوقه المعيشية، بل بات جزءًا أصيلًا من معركة الشعب من أجل إسقاط ديكتاتورية الولي الفقيه. فقد استخدم شباب الانتفاضة في هذا اليوم أدوات متعددة من الكتابة على الجدران، تعليق اللافتات، توزيع المنشورات، ونشر شعارات تمجّد المقاومة وتدين رموز القمع.
في تحرك نوعي وذي دلالة، شنّ شباب الانتفاضة سلسلة عمليات مباشرة ضد مراكز تُعد العمود الفقري لأجهزة القمع:
استهداف وحدات البسيج في طهران: هذه المراكز تعمل كأذرع أمنية داخل المصانع والأحياء العمالية، وظيفتها منع أي احتجاج أو تشكيل نقابي مستقل، عبر التجسس والتهديد والاعتقالات.
تفجيرات في قواعد “حوزه علمیة ” في آزادشهر وأصفهان: وهي مراكز دينية ظاهرًا، لكنها في الواقع محاضن لغسل الأدمغة ونشر فكر الطاعة للولي الفقيه، وتأهيل كوادر عقائدية لخدمة أجهزة القمع.
هجمات على لجان خميني الملعون في كرمانشاه وإيذه وطهران: هذه المؤسسات، تحت غطاء الإغاثة، تستخدم لتجنيد البسطاء وتوفير تمويل ميداني للبسيج، ولها سجل طويل في دعم أجهزة الأمن ضد أي تحرك شعبي.
إحراق مقرات البسيج في أورمية، كرمانشاه، نيكشهر، وخاش: وهي مراكز تجنيد ومراقبة ضد الطلاب، الشباب والتجار، وتشارك في قمع الاحتجاجات عبر فرق ميدانية مسلحة.
استهداف بلدية النظام في فارسان: البلديات في إيران ليست مؤسسات خدمية فقط، بل أدوات رقابية أمنية تراقب الأنشطة المدنية وتنسق مع المخابرات لقمع الناشطين.
حرق لافتات النظام وصور قادته في بروجرد، سراوان، شوش وبافت: هذه الرموز تُفرض بالقوة على الفضاء العام، واستخدامها يُقصد به ترهيب الناس وفرض الطاعة، واستهدافها يرمز إلى كسر حاجز الخوف.
نَفَس الثورة في 20 مدينة
العمليات الميدانية ترافقت مع نشاط واسع من الجداريات والمنشورات والشعارات الثورية في مدن منها: طهران، كرج، تبريز، مشهد، أصفهان، الأهواز، رشت، بوشهر، همدان، شاهرود، ساري، زنجان، ياسوج، ساوه، قائمشهر، لاهيجان، شوش، بندرعباس وغيرها.
ومن بين الشعارات التي رفعت:
«الفقر، الفساد، الغلاء… مستمرون حتى إسقاط النظام»
«الموت لولاية الفقيه… الموت لخامنئي… تحية لرجوي»
«العمال يقظون… يرفضون نظام الشاه ونظام الملالي»
هذه الشعارات لم تكن شعارات نقابية فحسب، بل تعبّر عن إدراك طبقي عميق بأن الاستغلال الاقتصادي والقمع السياسي هما وجهان لعملة واحدة.
ارتباط عضوي بالمقاومة
في هذا العام، تجلّى الترابط بين الطبقة العاملة والمقاومة المنظمة بوضوح في الشعارات التي رُفعت، مثل:«يا عمال إيران المحرومين، مجاهدو خلق هم أنصاركم» و«في معاناتكم تكمن طاقة التحرر»
هذا الارتباط جاء نتيجة لتراكم الثقة، وتجربة مشتركة من القمع، ورغبة حقيقية في تغيير جذري، بعيدًا عن وعود الإصلاح الزائفة.
تصوير واقع العمال بصرخة الجياع
في بعض المدن، ظهرت شعارات مثل:
«نحن جوعى، نحن جوعى»
«أبشع أنواع الظلم تُمارَس ضد العمال»
وهذه العبارات ليست فقط توصيفًا للوضع، بل إدانة مباشرة لسياسة التجويع، غياب التأمين، وتضييق كل مسار قانوني أمام العمال للاحتجاج أو المطالبة.
في رسالة مريم رجوي: لا حقوق بلا مقاومة أكدت رئيسة جمهورية المقاومة، أن طريق نيل الحقوق يبدأ من مقاومة شجاعة ضد أصل الاستبداد، حيث قالت:
«حقوق العمال لا تُنتزع إلا عبر الانضمام إلى المقاومة، ومَن يريد الأجور الكافية، العقود الدائمة، الحق في الإضراب والتنظيم، عليه أن يقاتل من أجل إسقاط هذا النظام الفاسد».
ما شهدته إيران في الأول من مايو 2025 لم يكن مجرّد ذكرى نقابية، بل إعلان عملي بأن طريق الحرية يمرّ من خلال التصعيد الميداني، والتنسيق الثوري، واستهداف مفاصل القمع في كل حيّ ومدينة. وشباب الانتفاضة، بعملهم المنظّم، أثبتوا أنهم ليسوا مجرد ناشطين، بل قادة ميدانيون في معركة مصيرية من أجل إيران جديدة خالية من الاستبداد.