صورة لعمال ایرانیین
موقع المجلس:
تحت نير الاستغلال والحرمان، عمال إيران يحيون يومهم العالمي و یواجه العمال الایرانیون الظروف القاسیة في حیاتهم الیومي، بينما يحتفل العالم في 1 مايو 2025 بيوم العمال العالمي، حیث يرزح ملايين العمّال في إيران تحت أقسى ظروف القهر الاقتصادي والتهميش الاجتماعي، في ظلّ نظام يرفع شعارات العدالة، لكنه يمارس الاستبداد الاقتصادي والاجتماعي باسم الدين.
إنّ ما يمر به العامل الإيراني ليس مجرّد معاناة موسمية أو أزمة مرحلية، بل هو انعكاس لمنظومة قمع متكاملة، جعلت من لقمة العيش معركة يومية، ومن مكان العمل ميدانًا للخطر الدائم.
أجور لا تساوي الخبز، وحياة تحت خط الكرامة
في 16 مارس 2025، أعلنت حكومة مسعود بزشكيان عن الحد الأدنى لأجور العمّال بقيمة 10 ملايين و399 ألف تومان، وهو ما يعادل 104 دولارات أمريكية شهريًا وفق سعر الصرف حينها. هذه الأجور البائسة، مقارنةً بكلفة معيشة أسرة متوسطة تتجاوز 35 مليون تومان شهريًا، تكشف عن فداحة الفجوة بين الحد الأدنى للأجور والحاجات الأساسية.
إنها فجوة لا تقتل الكرامة فحسب، بل تهدد الحياة نفسها. إذ يضطر العمّال إما إلى قبول هذه الشروط المجحفة أو مواجهة البطالة والفقر المدقع، في غياب تام لأي حماية قانونية أو دعم اجتماعي.
أرواحٌ تُزهَق في باطن الأرض
خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من مارس 2025، لقي تسعة عمّال مصرعهم في ثلاثة انفجارات مميتة وقعت في مناجم مهاباد ودامغان وبجستان.
هذه الحوادث، التي باتت شبه متكررة، ليست نتيجة الصدفة أو القدر، بل ثمرة طبيعية لإهمال متعمد في تطبيق معايير السلامة، وسياسات تقشفية تقدّم الربح على حساب الحياة، في بيئة يغيب عنها الرقابة والمحاسبة.
لعلّ المأساة الأعمق تكمن في أن الاستغلال العمالي في إيران ليس مجرّد خلل اقتصادي، بل ركن من أركان الحكم ذاته. فالنظام القائم منذ 1979 على أيديولوجيا ولاية الفقيه، احتكر ثروات البلاد لصالح نخبة ضيقة من المنتفعين المرتبطين بـبيت خامنئي و حرس النظام الإيراني، ومؤسسات شبه حكومية.
عمليات الخصخصة لم تكن يومًا لصالح الكادحين، بل وسيلة أخرى لسرقة المال العام وتحويله إلى جيوب “آقازادهها”، أبناء الطبقة الحاكمة. والنتيجة؟ حرمان العمال من أبسط حقوقهم، سواء في التمثيل النقابي، أو الضمانات القانونية، أو حتى الأمان الوظيفي.
من طقوس الاحتفال إلى لحظة المواجهة
في هذا السياق، يفقد يوم العمال في إيران معناه الاحتفالي، ويغدو موعدًا للمقاومة والغضب. فبدل التهاني والخطابات، بات الأول من مايو يومًا يصرخ فيه الكادحون بوجوه جلاديهم، ويذكّرون العالم بأن خلف جدران المصانع هناك شعب مسحوق، يناضل لأجل الحياة بكرامة.
وقد شدّدت المقاومة الإيرانية، وفي مقدّمتها السيدة مريم رجوي، على أن إنصاف الطبقة العاملة لا يمكن أن يتحقق تحت مظلّة هذا النظام. وفي برنامجها ذي العشرة بنود، أكّدت رجوي على ضرورة إرساء دولة ديمقراطية علمانية تضمن العدالة الاجتماعية، والمساواة، وحقوق العمّال والمتقاعدين والمعلّمين والفلاحين.
عمّال إيران… القوة الصامتة التي تحرّك الجبال
إنّ نهوض العمال كان على مرّ التاريخ الشرارة التي أشعلت الثورات في شتى بقاع الأرض: من أوروبا الصناعيّة إلى أمريكا اللاتينية. واليوم، يقف العمّال الإيرانيون على أعتاب لحظة مفصلية، حيث الجوع وحده لم يعد كافيًا لإخضاعهم، بل بات دافعًا للانفجار.
ومع تصاعد الإضرابات، وتنامي الغضب الشعبي، وانحسار شرعية النظام، تبدو ملامح تحول ثوري محتمل، تكون فيه الطبقة العاملة وقودًا ومحركًا لمسار التغيير القادم.
نعم، آن أوان النهوض. فالشوارع، والمصانع، والطرقات، تشهد أن يوم العمال في إيران لن يُختزل هذا العام في كلمات جوفاء، بل قد يكون بداية النهاية لنظام حرم الملايين من أبسط حقوقهم.