موقع المجلس:
تواجه السجينة السياسية الإيرانية مريم أكبري منفرد في سجن قرجک سيئ الصيت بمدينة ورامين قريب من طهران، خطرًا متزايدًا على حياتها، وسط تدهور حاد في حالتها الصحية، ورفض ممنهج من قبل السلطات القضائية لتوفير الرعاية الطبية العاجلة، رغم تأكيدات الأطباء على ضرورة التدخل الجراحي الفوري.
أكبري منفرد، التي أمضت أكثر من 16 عامًا في سجون النظام الإيراني، تعاني من أمراض مزمنة بينها قصور الغدة الدرقية، أمراض كبدية، وآلام مبرحة في الظهر والركبة. وأكدت تقارير موثوقة من مقربين من عائلتها أن خمسة أطباء متخصصين، من بينهم جراح أعصاب وجرّاح عظام وخبراء في الطب الشرعي، شخّصوا حالتها بأنها تستدعي تدخلًا جراحيًا عاجلًا.
ولكن السلطات لا تكتفي بإهمال المطالبات الطبية، بل تمنع أيضًا تنفيذ أي إجراء علاجي أو حتى الرد على طلبات محاميها. وأفادت المصادر بأن مريم خلال الأشهر الماضية عانت مرارًا من تنميل في القدمين واضطراب حركي خطير في الركبة، وهو ما حذّر منه الأطباء باعتباره مؤشرًا خطيرًا لاحتمال حدوث إصابات عصبية دائمة قد تؤدي إلى سلس بولي أو شلل.
ورغم انتهاء فترة حكمها الأصلية التي امتدت لـ15 عامًا، لا تزال مريم أكبري معتقلة بموجب ملف قضائي جديد فُتح ضدها بتهم نمطية اعتاد النظام توجيهها إلى المعارضين، مثل “نشر الأكاذيب” و”الدعاية ضد النظام”. كما أنها تُحتجز داخل سجن قرجک بين سجينات جرائم عامة، دون احترام لمبدأ الفصل بين الجرائم، وهو إجراء تعسفي يُستخدم بانتظام لإرهاب السجناء السياسيين.
صور شهداء لعائلة مریم اکبر منفرد
السلطات القضائية لم تكتفِ بكل ذلك، بل اشترطت على محاميها الحصول على موافقة مسبقة من قاضٍ مختص لمجرد زيارته لها، في تصعيد آخر يهدف إلى عزلها التام عن العالم الخارجي.
منذ اعتقالها في 30 ديسمبر 2009 ، عقب مشاركتها في تظاهرات ضد النظام، أصبحت مريم أكبري رمزًا للمقاومة النسوية في السجون الإيرانية. وقد حكم عليها في يونيو 2010 ، من قبل القاضي صلواتي في الفرع 15 لمحكمة الثورة بطهران، بالسجن 15 عامًا بتهمة دعم منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وذلك فقط لأنها طالبت بمحاسبة من قتلوا أشقاءها.
قُتل أربعة من أشقاءها – غلام رضا (1981) ، عليرضا (1984) ، عبد الرضا ورقية (1988) – خلال حملات الإعدامات الجماعية التي نفذها النظام في الثمانينات، وخاصة مجزرة صيف عام 1988 بحق السجناء السياسيين. وكان ذنب مريم الوحيد أنها طالبت بمحاكمة المسؤولين عن إعدام إخوتها وأختها.
في 28 ديسمبر 2022 ، كتبت من سجن سمنان تقول:
«ما أبقاني واقفة في وجه العذاب لم يكن سوى شعلة الإيمان في قلبي… حاولوا سرقتها، أرادوا أن يطفئوا وجودي، لكنني بقيت أُشعلها بالغضب النبيل، وأبتسم رغم القسوة، لأن المقاومة هي قلبنا».
وفي 6 أغسطس 2022 ، في ذكرى مجزرة 1988، كتبت:
«العدالة قادمة لا محالة… لن أهدأ حتى يُحاسب كل من أمر ونفذ عمليات القتل الجماعي. جراحنا ما زالت تنزف، وكأن المجزرة حدثت بالأمس. لن ننسى، لن نغفر، وسنواصل طريق العدالة حتى النهاية».
مريم أكبري ليست مجرد سجينة، بل صوت من أصوات المقاومة الحية. إصرارها على طلب العدالة، وثباتها في مواجهة التعذيب والعزلة والحرمان، يُعدّان مثالًا حيًا على الجرائم المنهجية التي تُمارَس بحق السجناء السياسيين في سجون النظام الإيراني.
اليوم، يُخشى أن يتحول الإهمال الطبي بحقها إلى حكم إعدام بطيء. وهي حالة جديدة تُضاف إلى سجل طويل من الانتهاكات التي تُمارس ضد نساء وقفن في وجه استبداد ولاية الفقيه، ودفعن ثمناً غالياً من أعمارهن وكرامتهن.