موقع المجلس:
في إطار حملة وطنية واسعة ضدّ الإعدامات في إيران، استضافت بلدية الدائرة الخامسة في باريس مؤتمراً حضره عدد من رؤساء بلديات فرنسيات وشخصيات سياسية وحقوقية مرموقة، للتعبير عن رفضهم المطلق لعقوبة الإعدام التي ينفّذها النظام الإيراني كأداة لقمع المجتمع. وكان من أبرز المتحدثين في هذا المؤتمر السيدة دومينيك آتياس، الرئيسة السابقة لنقابة محامي أوروبا (2021-2022) ونائبة رئيس نقابة المحامين في باريس سابقاً. في كلمتها المؤثرة، أشادت بدور رؤساء البلديات الفرنسيين في مواجهة الظلم، وأعربت عن تضامنها الثابت مع المقاومة الإيرانية، مؤكدةً أنّ الإعدامات الجماعية في إيران تُعدّ جريمة ضدّ الإنسانية، وداعيةً إلى وقف فوري لها، كما ذكّرت بالمجزرة التي وقعت في صیف عام 1988 والتي أودت بحياة ثلاثين ألف سجين سياسي.
کلمة السيدة دومينيك آتياس
السيدة العمدة، أشكركم على الاستضافة وعلى التزامكم بالقيم الأساسية التي تشكّل حجر الأساس لكل نظام ديمقراطي.
رئيسة لجنة رؤساء البلديات، أرجو أن تنقلي لكل رؤساء البلديات الحاضرين: بوركتم، بوركتم أيتها السيدات والسادة رؤساء البلديات، لأنكم أعلنتم بصوت عالٍ وواضح “لا للإعدامات في إيران”.
هذا الموقف هو دليل آخر على وعي الشعب الفرنسي الذي اختار رؤساء بلدياته من بين أكثر الشخصيات السياسية احترامًا.
أنتم، الذين تتعاملون يومياً مع واقع الحياة، لا تنخدعون بمناورات النظام الإيراني الدموي الذي يسعى لتشويه صورة المعارضة الإيرانية عبر تصنيفها كـ”إرهابية”.
على فرنسا أن تفخر بأنّ المقاومة الإيرانية ضدّ هذا النظام المتطرف والمتعصب متواجدة على أراضيها.
كما قلتم، نحن هنا بالقرب من مبنى البانثيون، حيث يُفترض أن يُوارى جثمان زميلي ووزير العدل الراحل “روبرت بادينتر” الذي ألغى عقوبة الإعدام في فرنسا عام 1981، وظلّ يناضل حتى آخر حياته لإلغائها في جميع أنحاء العالم.
الخوف، والممارسات اللا إنسانية، والوحشية هي جزء من الحياة اليومية لشعب إيران، وخاصة النساء، ولكنها تشمل أيضاً جميع من يقعون تحت سطوة هذا النظام الديني الدموي.
وكما تؤكد السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة لـالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية: هدف الملالي الوحيد هو إرهاب المجتمع لإسكات الاحتجاجات الشعبية. لقد جعلوا القتل عادةً يومية، من خلال الإعدامات العلنية أمام أعين العائلات وحتى الأطفال.
إنهم يسحقون القلوب والعقول والضمائر. الإعدام، والتعذيب، والرجم، وبتر الأعضاء، وفقء العيون… كلها أصبحت أفعالًا مشروعة ومؤسّسة ضمن قوانين هذا النظام. لا وجود للعدالة فيه؛ لا محامٍ يقف بجانب المتهمين، ومصيرهم محسوم سلفاً، ولا أثر لمحاكمات عادلة.
في كل يوم، تأتي أخبار عن مشانق جديدة، وإعدامات تعسفية… امتداداً مرعباً لمجزرة صیف عام 1988.
تذكّروا: ثلاثون ألف إنسان – معظمهم من الشباب، ومنهم نساء حوامل، ورجال من جميع الأعمار بمن فيهم طلاب جامعيون – تمّ اعتقالهم، واقتيدوا من الزنازين، وخضعوا لمحاكمات لم تتجاوز الخمس دقائق، ثم أُعدموا على الفور.
ثلاثون ألفاً قُتلوا، وحتى اليوم لم تُسلَّم جثامينهم لعائلاتهم المفجوعة. فهل كنّا حينها صُمًّا وعُميًا؟ هل لم تصلنا المعلومات؟ لا يزال هذا السؤال يؤرقني.
لم أكتشف تفاصيل هذه المجزرة إلا في عام 2016، بفضل “جان فرانسوا لو گاريه”، عمدة الدائرة الأولى في باريس آنذاك، الذي أقام بالتعاون مع منظمة مجاهدي خلق الإيرانية معرضاً توثيقياً مذهلاً في بلديته.
ومنذ ذلك اليوم، دعمي للمقاومة الشجاعة في إيران هو دعمٌ كامل وغير مشروط.
دعمٌ للنساء الإيرانيات اللواتي يدفعن ثمناً باهظاً ويُعدمن بوحشية، وللأطفال دون سنّ الثامنة عشرة الذين يُقتلون بلا رحمة وبانتهاك صريح لكل القوانين الدولية، كما أشار إلى ذلك مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
هذا النظام الدموي يعتقد حقاً أنه قادر على كسر إرادة الشعب الإيراني! يا له من وهم! يا أصدقائي، لا شيء ولا أحد يمكنه إجبار هؤلاء النساء السجينات على التراجع. بعضهن ينتظرن الموت، ومع ذلك يُضربن عن الطعام كل ثلاثاء، كما قلتم مراراً، في سجون مختلفة، في تحدٍّ للإعدامات الظالمة، كما جاء في بيانكم.
نعم، نحن نواجه جريمة ضد الإنسانية، كما أكّدت الأمم المتحدة.
نعم، يجب وقف هذه الإعدامات، كما يطالب البرلمان الأوروبي بذلك.
أنتم، رؤساء بلديات فرنسا، مدعاة فخر لنا، لأنكم انخرطتم في هذه المعركة ضد عقوبة الإعدام وصرختم: “لا للإعدام في إيران”.
نشكركم، عاشت إيران حرّة، عاشت النساء الإيرانيات، وعاش الشعب الإيراني.