صور للفقر الدقع في ایران
صوت العراق – محمد حسين المياحي:
مقاطعة المرشد الاعلى للنظام الايراني للمحادثات مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالبرنامج النووي الايراني وإصراره على تحدي الموقف الامريکي وعدم قبوله بالعرض المبسوط أمامه ولاسيما بعد الرسالة التي بعثها إليه ترامب عبر وسيط أماراتي، لايبدو أبدا بأنه وهذه المرة تحديدا يبدو سهلا وبالامکان تخطيه، ذلك إن النظام الايراني يقف ولأول مرة في تأريخه منذ تأسيسه قبل 46 عاما أمام أسوأ وأخطر أزمة إقتصادية ومعيشية خانقة وبحسب معظم المٶشرات من المستحيل عليه معالجتها أو التخفيف منها.
عندما يتخطى الدولار حاجز 103 آلاف تومان ويحدث إرباکا غير مسبوقا في الاوضاع الاقتصادية ولاسيما من حيث تسببه بموجة غلاء غير مسبوقة، فمن المهم جدا هنا الانتباه جيدا إن الازمة الاقتصادية الطاحنة التي يعاني منها النظام ليست فقط نتيجة العقوبات، بل هي ثمرة مباشرة لسياسات النظام الفاسدة، الذي يواصل تمويل ميليشياته الخارجية، ويتدخل في شؤون الدول الأخرى، في حين يترك الشعب الإيراني في الجوع والبطالة والتشرد.
ومن أجل تسليط الاضواء عن قرب على تفاقم الاوضاع الاقتصادية في إيران، فمن المفيد هنا التمعن في تصريح لافت للنظر لرئيس لجنة الطاقة في غرفة التجارة الايراني آرش نجفي، عندما وصف عام 1403 (2024) بأنه عام “الأرقام السلبية”. وقال في مقابلة مع موقع «اقتصاد 24» الحكومي في 24 مارس 2025، إن السياسات المنتهجة في قطاعات الكهرباء والغاز والبنزين والديزل اقتصرت على “عبور الأزمات” بكلفة باهظة، دون تقديم حلول مستدامة. وأضاف أن خسائر النظام الناتجة عن انقطاع الكهرباء والغاز وتوقف الإنتاج تقدر بأكثر من 6 مليارات دولار.
والى جانب أزمة الطاقة، يعيش الإيرانيون تحت وطأة تضخم متصاعد. ووفقا لتقرير نشره موقع “فرارو” الحكومي في 23 مارس 2025، أظهرت بيانات مركز الإحصاء الإيراني أن معدل التضخم خلال نهاية عام 1403 (2024) بلغ 37.1%، وهو الأعلى خلال 15 شهرا. وشهدت أسعار المواد الغذائية ارتفاعا أكثر حدة، بنسبة 41%، ما ضاعف من الأعباء الاقتصادية على الأسر، خصوصا في موسم الأعياد.
وأشار التقرير إلى أن أسعار الفواكه والمكسرات والملابس والأحذية سجلت أكبر نسب من الزيادة، في ظل غياب أي رقابة فاعلة على الأسواق. ويتوقع خبراء النظام أن يتجاوز التضخم في ربيع عام 1404 (2025) نسبة 50%، في ظل استمرار التدهور الاقتصادي وانعدام السياسات الإصلاحية.
ولم تسلم وسائل النقل من تداعيات الأزمة. فقد أفادت وكالة أنباء “مهر” الحكومية في 23 مارس 2025 أن بلدية مدينة رباط كريم قررت رفع تعرفة النقل العام بنسبة 45%، اعتبارا من بداية العام الجديد. وشمل القرار كلا من سيارات الأجرة والحافلات، ما أثار موجة استياء واسعة في صفوف المواطنين الذين يواجهون ضغوطا اقتصادية متزايدة.
في ظل هذه الازمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة وفي ظل تجاهل سلطات النظام الايراني لها وعدم الاکتراث بها وإصراره على التمسك بسياساته المالية الفاشلة في خضم فساد ممنهج، فإن کل ذلك يمهد لجعل العام الجديد بداية لمرحلة أکثر صعوبة وتعقيدا على الاصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.