صوت کوردستان- منى سالم الجبوري:
لو قمنا بمقارنة الاوضاع المتعلقة بالنظام الايراني قبل هزيمة حرکة حماس وحزب الله وسقوط النظام السوري، مع أوضاعه في بعد ذلك، لوجدنا هناك فرقا شاسعا لا يمکن إطلاقا تجاهله والاستخفاف به، ولاسيما بعد أن أصبح مادة دسمة للمراقبين والمحللين السياسيين الذين يقفون عندها ملية.
قبل تلك الهزيمة وسقوط نظام بشار الاسد، کان النظام الايراني يسرح ويمرح في المنطقة ويهدد يمينا ويسارا ويجاهر بنواياه المشبوهة، لکنه بعد ذلك ونقصد الوقت الحاضر تحديدا، فإن هذا النظام منطو على نفسه ويتصرف کحمل وديع يتعرض للظلم متصرفا بطريقة وکأن شعوب وبلدان المنطقة والعالم قد نسوا الدور السلبي المشبوه لهذا النظام طوال الاعوام الماضية وما تسبب به من أوضاع وخيمة في بلدان المنطقة.
بعد أن کان هذا النظام يتفاخر علنا بوکلائه في المنطقة بل وحتى يهدد شعبه بهم فيما لو إنتفضوا ضده، فإنه اليوم يحاول التنصل من مسٶوليته في تمويلهم وإعدادهم وتوجيههم، وحتى إن ما أکده حسين سلامي، قائد الحرس الثوري، من إن ما يقوم به أتباعهم الحوثيون في اليمن لا علاقة له بالنظام الايراني لأن قراراتهم مستقلة! هو نموذج من النفاق والکذب الرخيص لا لشئ إلا من أجل مصلحة النظام وإلا من أين لزمرة إرهابية متخلفة کالحوثيين أسلحة وصواريخ متطورة لو لم يقم النظام الايراني بتزويدهم بها؟
اليوم، وفي ظل الاحداث والتطورات الجارية، فإن النظام الايراني ولاسيما بعد تلقيه سلسلة التهديدات الامريکية بالجلوس على طاولة التفاوض وتلبية المطالب الدولية فيما يتعلق بالبرنامج النووي أو تحمل التبعات بما فيها الاجراءات العسکرية ضد طهران، فإن خامنئي الذي سبق وإن أعلن في 12 مارس 2025، برفض المفاوضات مع الولايات المتحدة فإنه ونظامه الان في ورطة ولاسيما وإن الرئيس الامريکي ترامب قد حدد مهلة شهرين لهذا النظام للمحادثات المباشرة بشأن البرنامج النووي أو الاستعداد لمواجهة الاجراءات العسکرية، ومن دون شك فإن النظام يقف أمام منعطف حاد وبالغ الخطورة وعليه أن يحسم موقفه ويتحمل تبعات ذلك، علما بأنه وبموجب مختلف التوقعات، فإن النظام في حال موافقته على التفاوض أو رفضه لها، فإن وضعه وموقفه وتبعات ذلك سيکون وبالا عليه.
لکن السٶال الاهم الذي يطرح نفسه هو: لماذا کل هذا القلق والحذر والخوف من الدخول في المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي من جانب النظام الايراني؟
الحقيقة هناك سببان رئيسيان هما:
الاول؛ النظام يعلم جيدا بأن المحادثات هذه المرة جدية ولا مجال فيها للمراوغة والکذب والخداع إذ عليه أن يحسم الموضوع ويستسلم للمطالب الدولية وهذا يعني إنه وبعد سلسلة الهزائم التي لحقت به في المنطقة، يضيف إليها هزيمته فيما يتعلق بطموحاته النووية المشبوهة.
الثاني: النظام عموما وخامنئي بشکل خاص، يعلم جيدا بأن هزيمتين قاسيتين في مجالي التدخلات والبرنامج النووي خلال فترة قياسية، لن تمر بردا وسلاما على النظام ولاسيما وإن هناك شعب ساخط أشد السخط على النظام ووجود معارضة منظمة تعتبر بمثابة بديل للنظام وتتمثل في منظمة مجاهدي خلق الایرانیة التي کان لها الدور البارز في الانتفاضات المندلعة بوجه النظام ومختلف النشاطات المضادة له، وإن إندلاع أية إنتفاضة هذه المرة وهو أمر وارد، سيجعل مصير النظام کمصير سلفه نظام الشاه.