احتجاجات في ایران-آرشیف
الحوار المتمدن-سعاد عزيزکاتبة مختصة بالشأن الايراني:
لا يکاد يمر يوم إلا وتظهر آثار وتداعيات الازمة الحادة والخانقة التي يعاني منها نظام الملالي، وقد أصبح النظام غير قادر على التکتم والتستر على تفاقم الاوضاع وإنما يحاول معالجتها وفق اسلوب الهروب الى الامام الذي لم يعد مجديا، ولاسيما وإن حکومة بزشکيان قد أثبتت عجزها الکامل ليس عن معالجة الاوضاع السيئة وإنما حتى مجرد التخفيف عنها وبذلك صار واضحا جدا إنها حکومة فاشلة وإن الاوضاع سوف تتفاقم سوءا في ظلها.
في الايام الاخيرة، وکأمثلة من الواقع الايراني على ماذکرناه آنفا، فقد شهدت عدة مدن إيرانية موجة من الاحتجاجات نظمها المتقاعدون والعمال في شركة الاتصالات الإيرانية (TCI)، مطالبين برفع رواتبهم، وصرف الأجور المتأخرة، ووضع حد للفساد المستشري في إدارة الشركة. هذه الاحتجاجات، التي اندلعت في خمس مدن على الأقل، تعكس حالة السخط المتزايدة بين المواطنين الذين يعانون من الأوضاع الاقتصادية المتردية نتيجة سياسات النظام.
أما في في مدينة رشت، شمال إيران، استأنف متقاعدو شركة الاتصالات تجمعاتهم الاحتجاجية، معبرين عن استيائهم من تدني المعاشات وسوء الإدارة. وردد المحتجون هتافات مثل “لا نريد وزيرا غير كفوء”، مطالبين بإصلاحات عاجلة لتحسين أوضاعهم الاقتصادية المتدهورة. تأتي هذه الاحتجاجات ضمن سلسلة من التجمعات الأسبوعية التي ينظمها المتقاعدون احتجاجا على عدم وفاء الحكومة بالتزاماتها تجاههم.
وفي جنوب البلاد، شهدت مدينة بندر عباس احتجاجات مماثلة، حيث طالب المتقاعدون في شركة الاتصالات الإيرانية برفع الرواتب وتحسين الخدمات الأساسية. وهتف المحتجون “اصرخ من أجل حقوقك” في تحد واضح لتجاهل السلطات لمطالبهم المتكررة. وقد أدى هذا الإهمال إلى تصاعد الغضب بين المتقاعدين الذين يعتمدون على هذه المعاشات لتغطية نفقاتهم في ظل الأزمات الاقتصادية المتفاقمة.
وفي إشارة الى الاوضاع السيئة جدا التي تعانيها الممرضات في إيران من جراء الازمة الاقتصادية المتفاقمة بسبب سياسات ونهج النظام، فقد نشر الكاتب والبرلماني الأوروبي السابق، سترون ستيفنسون، مقالا في موقع “تاونهول” تحت عنوان “الممرضات في إيران يواجهن الفقر”، حيث سلط الضوء على الظروف المعيشية القاسية التي تعاني منها الممرضات الإيرانيات بسبب الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية في ظل النظام.
وأماط ستيفنسون اللثام عن الاوضاع السيئة للنساء في ظل حکم الملالي وأکد أن”النساء في إيران يتعرضن للتمييز والمعاملة كمواطنات من الدرجة الثانية منذ ما يقرب من خمسة عقود”، حيث يفرض النظام الإيراني قيودا صارمة على ملابس النساء، مع تواجد مستمر لما يعرف بـ “شرطة الأخلاق” التي تراقب تطبيق هذه القوانين. ويذكر المقال بأن “وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في سبتمبر 2022 بسبب عدم ارتدائها الحجاب بشكل صحيح أشعلت انتفاضة وطنية” واجهها النظام الإيراني “بحملة قمع وحشية أسفرت عن أكثر من 750 قتيلا وعشرات الآلاف من الاعتقالات”.
کما إنه من المفيد جدا هنا التنويه عن إن أزمة المياه المتفاقمة في إيران يمکن إعتبارها أخطر كارثة بيئية تهدد البلاد ويعاني الشعب الايراني بسبب منها ومن أزمة الکهرباء الامرين وإن الحديث بشأنها طويل جدا لا يتسع لهذا المجال الضيق.
ومن جانب آخر وفي ظل تصاعد القمع وأحكام الإعدام غير المسبوقة في إيران، يواصل السجناء السياسيون والمحكومون بالإعدام مقاومتهم لهذه الأحكام الجائرة. أصبحت حملة “ثلاثاء لا للإعدام”، التي تقام في 38 سجنا داخل البلاد، رمزا للصمود في مواجهة هذه الجرائم. ومع اقتراب عيد النوروز، أصدر السجناء السياسيون بيانا أدانوا فيه تزايد الإعدامات وطالبوا بوقف هذه العقوبات غير الإنسانية.
والملفت للنظر هنا، إنه وفي رد فعل لخلايا وحدات الانتفاضة وشباب الانتفاضة التابعة لمظمة مجاهدي خلق الایرانیة، فقد قامت بعشرين عملية جديدة ضد مقرات لقوات الحرس ومراكز القمع في طهران ومدن إيران، کما إن هذه الوحدات وعلى أعتاب يد السنة الجديدة الإيرانية (عيد النوروز)، قامت أيضا بتصعيد عملياتهم الثورية مستهدفين مقرات النظام الإيراني ومراكزه القمعية في مختلف المدن، وذلك في رسالة واضحة للنظام بأن الشعب الإيراني لن يتوقف عن مقاومته ضد القمع والاستبداد. هذه العمليات جاءت لضرب أذرع القمع، إضعاف معنويات القوى القمعية، وكسر أجواء الرعب التي يسعى النظام إلى فرضها، خصوصا مع اقتراب العام الجديد حيث يحاول النظام تصوير نفسه مسيطرا على الأوضاع.
من الواضح جدا وبصورة لا لبس فيها من إن الازمة الحادة لنظام الملالي والاوضاع السيئة التي يعاني منها وقبل ذلك المواجهة الثورية له، أشبه بثقب أسود سوف يبتلع النظام عما قريب!