الحوار المتمدن-سعاد عزيزکاتبة مختصة بالشأن الايراني:
هناك الکثير من التصريحات والاقوال المهمة والملفتة للنظر الصادرة عن قادة نظام الملالي بخصوص سعيهم المحموم من أجل فرض نظامهم على الشعب الايراني وإستخدام کافة الطرق والاساليب من أجل تحقيق غايتهم، لکنهم وکما هو معروف عنهم رکزوا وبصورة إستثنائية على اسلوبين، الاول؛ الممارسات القمعية من سجون وتعذيب وإعدامات من أجل إشاعة الخوف وردع الشعب عن مواجهة النظام، أما الاسلوب الثاني، فهو السعي لإشاعة الفقر والحرمان وذلك من أجل إنشغال الشعب بالقضايا المعيشية وعدم تفکيره في النضال والمواجهة ضد النظام.
الحديث عن الممارسات القمعية بأشکالها المختلفة من إعتقالات تعسفية وسجون وعمليات تعذيب وحشية وإعدامات الى جانب نشاطات دوريات الارشاد سيئة الصيت التي تلاحق النساء بدعاوي وذرائع لا علاقة لها بالعصر الحديث، کل هذه الممارسات القمعية وغيرها لم تکن کافية لإقناع النظام بأنه قد ضمن بقائه وإستمراره في الحکم، ولذلك فإنه فکر في اسلوب يمکن وصفه بمنتهى السفالة، وذلك بجعل الشعب يعاني من الفقر والحرمان ولا يجد للرخاء واليسر في الحال سبيلا.
إفقار الشعب وزيادة حرمانه، کان من ضمن اساليب النظام الاساسية من أجل ضمان بقائه وإستمراره، وبهذا السياق، فقد کشف مسعود روغني زنجاني، الرئيس السابق لمنظمة التخطيط والميزانية في النظام الإيراني، في تصريحات أدلى بها لموقع”عبدي ميديا” خلال مقابلة معه في 9 مارس2025، عن استراتيجية مروعة يعتمدها نظام الملالي الحاكم في إيران، حيث قال زنجاني بأن الولي الفقيه للنظام علي خامنئي قال ذات مرة للرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني: “إذا أصبح الناس ميسوري الحال، فإنهم سيتركون الدين”، وهذا التصريح لو قمنا بمقارنته مع الاوضاع في إيران حيث يعيش أکثر من 80% من الشعب الايراني تحت خط الفقر وحتى إن الطبقة الوسطى قد تلاشت، فعندئذ نعرف مدى مستوى الظلم والاجرام الذي مارسه هذا النظام بحق الشعب الايراني منذ أيامه الاولى وحتى يومنا هذا.
ومن الواضح جدا إن الطاغية خامنئي عندما يستخدم الفقر کسلاح للقمع، فإننا يجب أن نعلم من أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ينص في مادته الـ25 على حق كل إنسان في مستوى معيشي لائق يشمل الغذاء والصحة والمسكن، لكن سياسات النظام الإيراني تتعارض مع هذه المبادئ الإنسانية، وتبقي الملايين في دائرة الحرمان.
ومع إن إيران بلد غني ويمتلك ثروات طبيعية هائلة، لکن النظام القمعي الاستبداد ومن جراء حکم 46 عاما تميز بالفساد وسوء الادارة والقمع والتخطيط الفاشل، فقد ساهم في جعل الشعب يعيش في أسوأ الاوضاع المعيشية هذا بالاضافة الى الممارسات القمعية کما إن التضخم وتدهور العملة وتدمير سبل العيش يساهم النظام الإيراني بشكل مباشر في تفشي التضخم وتدهور قيمة العملة الوطنية والركود الاقتصادي، وهذا هو السب في تصميم الشعب الايراني على مواجهة النظام وإندلاع إنتفاضات ضد الفقر والحرمان والقمع الذي يفرضه النظام وهذا ما تم لمسه في احتجاجات عامي 2017-2018 و2019-2021، والتي اندلعت بسبب الظروف الاقتصادية وتم قمعها بشدة، لکن من دون شك فإن الاوضاع الحالية قد وصلت الى ذروتها وکل شئ في إيران يشير الى قرب حدوث الانتفاضة الکبرى التي ستقتلع هذا النظام القمعي الفاسد من جذوره.