الحوار المتمدن-سعاد عزيزکاتبة مختصة بالشأن الايراني:
يبدو واضحا بأن التوتر لازال سيد الموقف بين الولايات المتحدة الامريکية وبين نظام الملالي فيما يتعلق بالمفاوضات المرتبطة بالبرنامج النووي للنظام، ولاسيما بعد أن أرسل ترامب رسالة للملا خامنئي يدعوه فيها للتفاوض وتلبية الشروط الامريکية أو المواجهة العسکرية، ولاسيما بعد ردود الفعل من أوساط إعلامية محسوبة ليس على النظام فقط بل وحتى إنها محسوبة على الملا خامنئي نظير صحيفة کيهان التابعة له والتي عنونت صفحتها الاولى يوم الخميس الماضي بمقال ديماغوجي عنوانه”لو كنا نعتزم صنع سلاح نووي، لما تمكنت أمريكا من منعنا”!
الملاحظة المهمة هنا هي إن الدعوة ترامب للتفاوض هذه المرة تختلف إختلافا کبيرا عن المرات السابقة، فهي ليست من النوع الذي يجري فيها السعي لإسترضاء النظام ومسايرته وحتى منحه مساحة للمناورة والمراوغة، بل إنها من النوع الذي يکون اسلوب العصا هو السائد فيها، ولذلك فإن خامنئي الذي کان يعلم ماهية ومضمون هذه الرسالة قبل وصولها إليه، فإنه وفي خطاب له أمام أتباعه في 12 من مارس الجاري، قال وهو يحاول ممارسة التمويه والکذب والتغطية على نوايا النظام الحقيقية لإمتلاك القنبلة النووية:” قال خامنئي:“عدم امتلاكنا للسلاح النووي وعدم سعينا وراءه ليس لأن أمريكا تمنعنا، بل لأننا نحن لا نريده لأسباب معينة، وهذه الأسباب ناقشناها سابقا. لكن لو أردنا ذلك، لما تمكنوا من إيقافنا”.
طوال الاعوام الطويلة التي أمضاها النظام الايراني في التفاوض مع المجتمع الدولي بشأن بنامجه النووي، فقد إتبع دائما اسلوبا وطريقة مبنية على أساس إستخدام الکذب والتمويه والخداع والسعي من أجل کسب العامل الزمني خصوصا وإن المقاومة الايرانية قامت لأکثر من مرة بکشف مساعيه السرية من أجل تطوير برنامجه النووي بما يقود لإمتلاکه القنبلة النووية، والمثير للسخرية إن خامنئي الذي يعلم جيدا بأن مواجهة أمريکا ليست في صالح النظام بل وحتى إنها ستجعله في حال حدوثه أثرا بعد عين، لکن خامنئي الذي يبدو وکأنه يهرب من الموت نحو الانتحار ولاسيما عندما تابع في حديثه المذکور آنفا وهو يهدد واشنطن قائلا:” تهدد أمريكا باستخدام القوة العسكرية. هذا التهديد، من وجهة نظري، غير عقلاني، لأن الحرب ليست أمرا أحادي الاتجاه. إيران قادرة على توجيه ضربة متبادلة، وبالتأكيد ستنفذها. أنا أعتقد أنه إذا ارتكب الأمريكيون أو عملاؤهم أي خطأ، فسيكونون هم المتضررين الأكبر. الحرب ليست أمرا جيدا، ونحن لا نسعى إليها، ولكن إذا اتخذ أحدهم إجراء ضدنا، فسيكون ردنا حاسما وقاطعا”.
النظام الذي شرع صرف مئات المليارات على برنامجه النووي لحد الان بحيث إن مصارفه أکثر مما کان يمکن صرفه على الحرب الايرانية ـ العراقية أربعة أضعاف، يقف اليوم أمام منعطف حاسم وليس أمامه من مجال للعب والمراوغة فهو أما يلبي المطالب الدولية صاغرا أو في حالة رفضه يتحمل التبعات التي ستکون وخيمة جدا إذ لن يکون بعدها للنظام من أثر!