موقع المجلس:
موجة متصاعدة من الاحتجاجات والإضرابات تشهدها ایران في مختلف المدن، حيث يؤدي الانهيار الاقتصادي وتأخر دفع الأجور وسوء إدارة النظام إلى تفاقم حالة السخط الشعبي. من العاملين في القطاع الصحي وفرق الطوارئ إلى عمال النفط وذوي الاحتياجات الخاصة، خرجت مختلف شرائح المجتمع إلى الشوارع للمطالبة بحقوقهم المشروعة، بما في ذلك دفع مستحقاتهم المالية، وتحسين الأجور، وإنهاء الفساد والإهمال الذي يمارسه النظام الإيراني.
في أراك وسط إيران، بدأ الممرضون إضرابًا يوم 12 مارس، مستنكرين فشل النظام في تحسين أوضاعهم المعيشية والوظيفية. وفي تبريز شمال غرب إيران، نظم العاملون في القطاع الصحي وفرق الطوارئ مظاهرات احتجاجية ضد تأخر رواتبهم وتدهور أوضاعهم المعيشية، حيث ردد المتظاهرون هتافات: “العدالة! العدالة!” مطالبين بتحرك فوري من قبل النظام.
وفي طهران، تجمع ذوو الاحتياجات الخاصة أمام قصر الرئاسة، محتجين على رفض النظام تنفيذ القوانين التي تضمن لهم الدعم المالي. رفع المتظاهرون لافتات كتب عليها: “كفى ظلمًا! موائدنا فارغة!” في نداء يائس لتحقيق مطالبهم الأساسية.
أما في جزيرة لاوان جنوب إيران، فقد استأنف عمال شركة النفط البحرية الإيرانية احتجاجاتهم، مطالبين بتحسين الأجور، وتصحيح تصنيف الوظائف، وتغيير الإدارة الفاسدة في الشركة. ويأتي هذا الإضراب ضمن سلسلة من الاضطرابات في قطاع الطاقة، حيث يعاني العمال من عقود استغلالية وظروف عمل خطرة دون تعويض مناسب.
احتجاجات إضافية اندلعت في أنحاء البلاد:
ـ مشهد – تظاهر المساهمون في شركة پديده ضد سوء الإدارة المالية، مطالبين باستعادة أموالهم المنهوبة.
ـ دهلران – انسحب العاملون في فرق الطوارئ الطبية من مواقع عملهم احتجاجًا على تدني الأجور وظروف العمل المأساوية.
ـ كرمانشاه وسرپل ذهاب – نظم موظفو وزارة الزراعة احتجاجات بسبب عدم دفع رواتبهم.
ـ قزوين – خرج المشترون المتضررون في الخطة الوطنية للإسكان في مظاهرات ضد الفساد وسوء الإدارة، متهمين السلطات بالاحتيال عليهم.
في 11 مارس، تصاعدت الاحتجاجات ضد سوء الإدارة الاقتصادية، حيث شهدت طهران مظاهرات نظمها العمال والتجار وموظفو القطاع العام للمطالبة بتحرك عاجل لكبح ارتفاع تكاليف المعيشة. كما انضم عمال النفط والغاز في كانجان وحقل بارس الجنوبي إلى الاحتجاجات، مطالبين بزيادة الأجور بنسبة 70% لمواكبة التضخم المتصاعد.
کرمانشاه
کرمانشاه
النظام يرد بالقمع بدلًا من الحلول
جاء رد النظام الإيراني على هذه الاحتجاجات بالقمع بدلاً من تقديم الحلول، حيث أرسلت قوات الأمن لتفريق المتظاهرين، بينما هاجمت ميليشيات بملابس مدنية بعض التجمعات الاحتجاجية بعنف.
إلى جانب الاحتجاجات، يدفع اليأس الاقتصادي المتزايد الإيرانيين إلى القيام بأفعال يائسة. ففي زنجان، أكد رئيس البلدية أن أحد عمال البلدية أضرم النار في نفسه في مقر عمله بعد تجاهل مطالبه المتكررة بالحصول على مستحقاته المالية وأمانه الوظيفي. وقد فارق الحياة لاحقًا متأثرًا بإصاباته.
في غضون ذلك، يتصاعد الغضب الشعبي بسبب الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية. حيث أعلن النظام عن زيادة بنسبة 180% في سعر البرتقال، و112% في سعر التفاح، مع اقتراب عيد النوروز. لكن الأسعار الحقيقية في الأسواق تفوق الأرقام الرسمية بكثير، إذ يُباع البرتقال بأكثر من 100,000 تومان للكيلوغرام الواحد، وهو سعر يفوق قدرة غالبية الإيرانيين على تحمله.
النظام يواجه أزمة متفاقمة
تعكس الموجة الأخيرة من الاحتجاجات تصاعد الأزمة داخل النظام الإيراني، الذي يكافح لاحتواء الغضب الشعبي المتنامي. وبينما يركز النظام على بقائه بدلاً من معالجة الأزمات الاقتصادية، تتحرك المزيد من شرائح المجتمع ضد الفساد وسوء الإدارة. ومع تدهور الأوضاع المعيشية وتصاعد القمع، يجد النظام نفسه في مواجهة تحدٍّ متزايد أمام شعب مصمم على استعادة حقوقه.