موقع المجلس:
في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي تعيشها إيران، تتوالى التقارير التي تكشف عن تزايد حدة الأزمة المالية والمعيشية التي تعصف بالمجتمع. فالارتفاع الحاد في أسعار السلع الأساسية، والنقص في المواد الضرورية، وزيادة معدلات البطالة، كلّها عوامل أدت إلى تدهور غير مسبوق في حياة المواطنين، ما ينذر باندلاع احتجاجات واسعة النطاق.
ويواجه الإيرانيون موجة غير مسبوقة من الغلاء، حيث ارتفعت أسعار المواد الأساسية مثل الزيوت والمنتجات الصحية والمواد الغذائية بشكل حاد، ما جعل تأمين الاحتياجات اليومية تحديًا شاقًا للمواطنين. حتى مع اقتراب عيد النوروز، وهو موسم يفترض أن يكون مزدهرًا اقتصاديًا، تعاني الأسواق من ركود شديد، مما يعكس الوضع الاقتصادي المتأزم الذي سببه النظام الإيراني بسياساته الفاشلة.
ويصف خبراء الاقتصاد الوضع الحالي بأنه “انهيار اقتصادي” سريع، حيث باتت شريحة واسعة من المجتمع تعيش تحت خط الفقر المطلق، ما يجعل تأمين أبسط متطلبات الحياة أمرًا مستحيلًا لكثير من العائلات. ويؤكد مختصون في علم النفس الاجتماعي أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى احتجاجات اجتماعية واسعة، قد تخرج عن نطاق السيطرة.
وإلى جانب التضخم، تشكل البطالة أحد أكبر التحديات التي تواجه المجتمع الإيراني. فقد ارتفعت معدلات البطالة بشكل غير مسبوق، وبات الشباب والخريجون يواجهون صعوبة بالغة في العثور على فرص عمل. وأدى ذلك إلى تزايد حالة الإحباط واليأس بين مختلف شرائح المجتمع، خصوصًا مع إغلاق العديد من الشركات والمصانع بسبب تراجع القدرة الشرائية للمواطنين وغياب السياسات الاقتصادية الفعالة.
وأصبحت البطالة أزمة متفاقمة تضع النظام الإيراني أمام تحديات خطيرة، فغياب فرص العمل وانعدام الدخل يدفع الشباب نحو التفكير في الهجرة أو اللجوء إلى أنشطة غير قانونية، ما يفاقم الأوضاع الأمنية والاجتماعية.
وبدلًا من البحث عن حلول جذرية للأزمة الاقتصادية، يلجأ النظام الإيراني إلى إجراءات سطحية مثل توزيع القسائم الإلكترونية وتقنين السلع الأساسية، وهي سياسات تعيد إلى الأذهان فترات الحرب الإيرانية – العراقية. هذه الحلول المؤقتة لا تسهم في تحسين الوضع، بل تزيد من معاناة المواطنين، حيث يُنظر إليها على أنها محاولة من النظام لاحتواء الأزمة بدلاً من معالجتها.
وفي هذا السياق، دعا بعض المسؤولين داخل النظام إلى اتباع سياسات التقشف الشديد على غرار ما حدث في زمن الحرب، في محاولة لتأخير انهيار النظام اقتصاديًا، وهو ما يزيد من السخط الشعبي تجاه هذه الإجراءات العاجزة عن التخفيف من حدة الأزمة.
وتوسع رقعة الفقر في إيران خلق حالة اجتماعية كارثية، حيث ارتفعت تكاليف المعيشة بشكل جنوني، ما جعل المواطنين غير قادرين على تأمين الاحتياجات الأساسية، بما في ذلك العلاج والرعاية الصحية. وبات الضغط الاقتصادي يدفع العديد من الإيرانيين إلى الانهيار النفسي، في ظل غياب أي أفق للخروج من الأزمة.
تصاعد احتمالات الانتفاضات الشعبية
مع اشتداد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، تزداد احتمالات اندلاع موجة احتجاجات جديدة، حيث لم يعد المواطنون قادرين على تحمل الأوضاع المعيشية الكارثية. وتشير التقارير إلى أن الغضب الشعبي يتصاعد يومًا بعد يوم، مما يهدد بانفجار اجتماعي وشيك. فالتاريخ أثبت أن الضغط الاقتصادي الشديد يدفع الشعوب إلى الانتفاضة، وهو سيناريو يبدو أنه يقترب سريعًا في ظل تعنت النظام الإيراني وتمسكه بسياسات تزيد من معاناة الشعب.
وصل الاقتصاد الإيراني إلى نقطة حرجة تهدد ليس فقط الوضع المعيشي للمواطنين، بل الاستقرار السياسي والاجتماعي برمته. فالغلاء والبطالة والفقر تضع المجتمع على حافة الانفجار، حيث لم يعد أمام الشعب خيار سوى مقاومة هذا الواقع المفروض عليهم. وفي ظل استمرار النظام في نهجه القمعي وسياساته الاقتصادية الفاشلة، فإن اندلاع احتجاجات شعبية عارمة بات مجرد مسألة وقت.