موقع المجلس:
بسبب النقص الكبير في أعداد المعلمين، يواجه النظام التعليمي في إيران أزمة حادة
ما يؤدي إلى تراجع المستوى الدراسي للطلاب في مختلف أنحاء البلاد، بما في ذلك طهران والمناطق المحرومة.
ووفقًا لوكالة الأنباء الحكومية إيسنا، صرّح نادر کریمی بیرانوند، المدير العام للتعليم الثانوي بوزارة التربية والتعليم، بأن «أزمة نقص المعلمين» أصبحت واحدة من أخطر التحديات التي تواجه قطاع التعليم، مؤكدًا أن هذه المشكلة لم تعد مقتصرة على المناطق الفقيرة، بل امتدت لتشمل محافظات كبرى مثل طهران.
ورغم تعيين معلمين جدد خلال العامين الماضيين، إلا أن الزيادة المطردة في عدد طلاب المرحلة الثانوية فاقمت المشكلة، مما جعلها إحدى العقبات الرئيسية أمام تحسين مستوى التعليم في البلاد. وأوضح بيرانوند أن العديد من الطلاب لا يحصلون على تعليم كافٍ من معلمين مؤهلين، الأمر الذي انعكس سلبًا على تحصيلهم الدراسي.
وأشار المسؤول الإيراني إلى أن متوسط درجات الامتحانات النهائية لا يزال “دون المستوى المطلوب”، وعزا ذلك إلى مشاكل التعليم، ونقص الكوادر التدريسية، وعدم توفر الإمكانيات الكافية في بعض المدارس، وهي عوامل أساسية ساهمت في تراجع المستوى التعليمي للطلاب.
كما حذر بيرانوند من ارتفاع معدلات التسرّب الدراسي نتيجة هذه الأزمة، موضحًا أن بعض الطلاب يفشلون في إكمال المراحل الابتدائية أو المتوسطة، ما يمنعهم من الالتحاق بالمرحلة الثانوية، ويؤدي في النهاية إلى خروجهم من المنظومة التعليمية بالكامل.
التفاوت في جودة التعليم بين المدارس الحكومية والخاصة يعد تحديًا آخر لا يقل أهمية، حيث أكد بيرانوند أن بعض المدارس الحكومية تعاني من نقص في الدعم الإداري والتمويل الكافي، مما يمنعها من تحسين مستواها الأكاديمي، وهو ما أدى إلى اتساع الفجوة بين المدارس الحكومية والمدارس الخاصة.
في الوقت الذي تعاني فيه المدارس الحكومية من نقص التمويل وضعف البنية التحتية، فإن المدارس الخاصة باتت تحت سيطرة شبكات الفساد التابعة لحرس النظام وأقارب خامنئي، مما حولها إلى أدوات لكسب الأرباح الضخمة على حساب مستقبل الطلاب. هذا الوضع أدى إلى انتشار الفساد بشكل غير مسبوق داخل النظام التعليمي، حيث يُمنح الامتياز للأثرياء والمقربين من النظام، بينما يُترك الطلاب من الطبقات الفقيرة ليواجهوا تدهور التعليم الحكومي. كما أن هذا الاحتكار التعليمي ساهم في تعميق الفجوة الطبقية داخل المجتمع الإيراني، بحيث أصبح الحصول على تعليم جيد مقتصرًا على الطبقة الحاكمة والمتنفذين، في حين يُحرم غالبية الشعب من فرص التعليم المتكافئة.
وفي الوقت ذاته، لا تزال المدارس الواقعة في المناطق النائية والمحرومة تعاني من نقص شديد في البنية التحتية والمعلمين. ورغم حاجة هذه المدارس إلى تدخل عاجل، إلا أنها لا تزال في مراتب متأخرة من حيث الأولويات مقارنةً بالقضايا التعليمية الأخرى.
كما أن أزمة المساحات الدراسية باتت واضحة حتى في العاصمة. فقد أفادت وكالة تسنيم، التابعة للنظام، بأن وزارة التربية والتعليم ترى أن طهران وضواحيها بحاجة إلى 695 مدرسة جديدة مكوّنة من 15 فصلاً دراسيًا لكل منها للحد من الاكتظاظ المفرط داخل الفصول. وفي تقرير لها نُشر في نوفمبر 2024، كشفت تسنيم أن بعض الفصول الدراسية في طهران تضم بين 40 و50 طالبًا، مما أثر بشكل كبير على جودة التعليم.
في ظل هذه التحديات، تعاني مشاريع أساسية مثل تأمين المدارس لمقاومة الکوارث، وإنشاء مدارس جديدة في المناطق الفقيرة، وتوفير الاحتياجات الأساسية مثل مياه الشرب والصرف الصحي من غياب التمويل الكافي. ويأتي ذلك في وقت تنفق فيه مؤسسات النظام الإيراني، من الوزارات إلى البلديات والجهات العسكرية، مليارات الدولارات سنويًا على المشاريع الأيديولوجية، ودعم الميليشيات المسلحة، وتصدير الإرهاب إلى دول المنطقة.