موقع المجلس:
تشهد المدن الایرانیة برمتها في الآونة الاخیرة مسیرات و تظاهرات احتجاجیة من قبل شرائح مختلفة. و لقد شهدةعدة مدن إيرانية، يوم الثلاثاء 4 فبراير 2025، تصعيدًا جديدًا في موجة الاحتجاجات الشعبية، حيث خرجت فئات مختلفة من المواطنين، من تجار وعمال ومتقاعدين، إلى الشوارع للمطالبة بحقوقهم الاقتصادية المسلوبة. من طهران إلى كرمانشاه وبوشهر وكرمان، توحدت الأصوات ضد الغلاء، وتأخر الرواتب، وسوء الأوضاع المعيشية، في مؤشر واضح على تصاعد السخط الشعبي تجاه سياسات النظام الاقتصادية.
إضراب وتجمع تجار طهران
في العاصمة طهران، شهدت شوارع مولوي، خيام جنوبي، وميدان قيام تجمعات احتجاجية واسعة من قبل التجار وأصحاب المحال التجارية. وقد أغلقت العديد من المحلات التجارية أبوابها في خطوة تعكس حجم الاستياء من ارتفاع أسعار السلع وانهيار قيمة العملة الوطنية. ارتفاع سعر الدولار بشكل غير مسبوق، والذي أدى إلى تفاقم الأزمة المعيشية، كان أحد العوامل الرئيسية التي دفعت أصحاب السوق إلى هذا الإضراب، مؤكدين رفضهم للسياسات الاقتصادية التي تزيدهم فقراً بينما تتضخم ثروات رموز النظام.
احتجاج عمال العقود في بوشهر
في محافظة بوشهر، تجمع عمال العقود والمشاريع في شركة تكرير الغاز “فجر جم” داخل محيط المصفاة، احتجاجًا على التمييز في دفع الأجور والتأخر المستمر في الرواتب. هذه الاحتجاجات ليست الأولى، حيث سبق أن نظم العمال تجمعات مماثلة دون استجابة من الجهات المسؤولة، مما يبرز استغلال الشركات لظروف العمال في ظل صمت حكومي متعمد. المحتجون رفعوا شعارات تطالب بمساواتهم ببقية العمال الدائمين، مؤكدين أن صبرهم قد نفد في مواجهة الظلم المتكرر.
تجمع المتقاعدين في كرمانشاه
في كرمانشاه، نظم المتقاعدون من الدوائر الحكومية تجمعًا أمام مبنى المحافظة، احتجاجًا على تدني رواتبهم وتأخر مستحقاتهم المالية. هؤلاء المتقاعدون، الذين أفنوا سنوات عمرهم في خدمة الدولة، باتوا اليوم يعانون من ظروف اقتصادية قاسية تدفعهم إلى الاحتجاج في الشوارع. رفع المحتجون شعارات تندد بعدم وفاء الحكومة بوعودها، إلى جانب هتافات سياسية تعكس الغضب الشعبي المتزايد.
اعتصام عمال مشروع محطة معالجة المياه في كرمان
في كرمان، تواصلت احتجاجات عمال مشروع محطة معالجة مياه الصرف الصحي، الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ أربعة أشهر. هؤلاء العمال نظموا تجمعًا احتجاجيًا أمام موقع المشروع، مؤكدين أنهم لن يتراجعوا عن مطالبهم بعد أن فاض بهم الكيل من الوعود الكاذبة. على الرغم من التأكيدات الرسمية السابقة بدفع المستحقات، إلا أن العمال وجدوا أنفسهم مضطرين مرة أخرى إلى النزول للشارع والمطالبة بحقوقهم المسلوبة.
الأزمة الاقتصادية وتنامي الغضب الشعبي
تتزامن هذه الاحتجاجات مع انهيار الاقتصاد الإيراني، حيث وصل سعر الدولار إلى مستويات غير مسبوقة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار جميع السلع الأساسية، وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين. في الوقت الذي يعاني فيه أكثر من ثلثي الشعب الإيراني من الفقر، يستمر النظام في إنفاق مليارات الدولارات على تمويل ميليشياته في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والمليشيات الموالية له في العراق وسوريا.
يبدو أن إيران دخلت مرحلة جديدة من الغليان الشعبي، حيث لم تعد الاحتجاجات تقتصر على قطاع معين، بل تشمل مختلف الفئات الاجتماعية التي تعاني من السياسات الكارثية للنظام. هذه الاحتجاجات المستمرة تشكل تحديًا كبيرًا للنظام الذي يجد نفسه غير قادر على كبح جماح الأزمة الاقتصادية، في ظل تزايد الضغوط الداخلية والغضب الشعبي المتصاعد.