لا يريد ترامب استعجال الفعل كما ينتظر كبار القادة الإيرانيين مثل بزشكيان وظريف وعراقجي.
ترامب والعلمان الأميركي والإيرانيولماذا الاستعجال
میدل ایست اونلاین – منی سالم الجبوري:
لفت الرئيس الاميركي ترامب الانظار مجددا إليه عندما لم يستعجل في تعامله مع الملف الايراني، بل وحتى إنه أرجأ ذلك الى حين، ولكن هذا لا يعني بأنه قد أهمل هذا الملف أو إنه لم يعد يهتم به كسابق عهده ولاسيما كما فعل في ولايته الاولى، بل لأنه واثق من امتلاكه لأكثر من ورقة فعالة لكي يلعبها فيما يتعلق بالملف الايراني.
على الرغم من مرور أكثر من أسبوعين على رئاسته، فإن ترامب لم يبادر الى إختيار مبعوث خاص جديد للشؤون الايرانية في وزارة الخارجية الأميركية. كما أن الرئيس الأميركي أكد أن ستيف ويتكوف مبعوثه للشرق الأوسط لن يكون مبعوثه للشأن الايراني. والملفت للنظر وبحسب مصادر مختلفة، أن مسألة إيران في الحسابات الزمنية لترامب، ستأتي، ولكنها يمكن أن تنتظر، بيد إنه يجب في نفس الوقت الانتباه الى إنه وكما سربه بعض من مساعديه عن أن حزمة ضخمة من العقوبات الأميركية ستفرض مع عودته إلى البيت الابيض، وهذا يعني بأن ترك الملف الايراني الى حين لا يعني ترك الحبل على الغارب لإيران، بل وحتى يمكن القول إن ترامب ومن خلال هذه الحزمة سيضع النظام المنهك في إيران على نار هادئة.
أغلب الظن، إن الاوساط الحاكمة في طهران كانت تتصور بأن ترامب سيكون في عجلة من أمره وسوف يضع الملف الايراني على رأس أولوياته، ولكن ومع الاخذ بنظر الاعتبار إتسام الايرانيين بصبرهم الطويل، لكن ترامب كما يبدو جعلهم يفقدون هذه الخصلة وإن الخلافات المحتدمة بين أجنحة وأقطاب النظام بخصوص التفاوض أو عدم التفاوض تؤكد ذلك في الوقت الذي تبدو فيه إدارة ترامب غير مكترثة بما يحدث وهو ما يجعل الامر وكأنه حرب أعصاب أميركية ضد النظام.
في الواقع إن طهران التي حرصت دائما أن تضع أميركا والبلدان الاوربية في حالة إنتظار لما ستفعله وتقوم به، يبدو أن الزمن قد دار أسوأ دورة عليها وجعلها في إنتظار مر من جانب عدو يبدو إنه يرغب حاليا في أن يضمر وليس أن يعلن، في وقت وكما يمكن أن يستخلص من تصريحات بزشكيان وظريف وعراقجي، فإن طهران في عجلة من أمرها وتريد من إدارة ترامب أن تفصح عما تريده. وبهذا السياق، فإن ما قاله أبو الفضل ظهرەوند، الدبلوماسي وعضو لجنة الأمن والسياسة الخارجية السابق في مجلس الشورى، في مقابلة تلفزيونية يوم 29 يناير2025، من حيث وصفه عجز النظام وإلحاحه على التفاوض، قد جاءت معبرة عندما قال: “العلاقة بين العقوبات ومطالبنا تشبه عنق جورج فلويد تحت ركبة الشرطة الأميركية، حيث يقولون لك: سأرفع ركبتي قليلا لتلتقط أنفاسك، لكن النتيجة تبقى كما هي. حتى لو حصلنا على ضمانات بشأن البنود القليلة المتبقية، سأقول لهم: اذهبوا ووقعوا، لكن هذا سيكون بداية مصائبكم. لذا، يجب أن نتجاوز قضايا مثل FATF، وأن الخطة الشاملة المشتركة رقم 2 ستكون خطيرة علينا”!
هناك ملاحظة بالغة الاهمية بخصوص الولاية الاولى لترامب وتأثيراتها النوعية على الاوضاع في إيران ومن المفيد جدا أخذها بنظر الاعتبار، إذ أن تعامله الحازم مع النظام الايراني وهو الامر الذي تطالب به المعارضة الايرانية بإلحاح، قد أثمر عن إنتفاضتين بوجه النظام في أواخر عامي2017، و2019، واللتين تميزتا بطابعهما السياسي، وهو أمر لا يمكن أن يأخذه ترامب بنظر الاهمية والاعتبار، وقد تكون النار الهادئة التي وضعها تحت النظام الايراني كالقطنة التي يذبح بها الايرانيون البعير.(1)
مثل إيراني: يذبح البعير بقطنة ويفتح نفقا في الجبل بأبرة.