الأحد, 16 فبراير 2025

مريم رجوي الرئيسة الجمهورية لإيران المستقبل

مريم رجوي

اجتماع إيران حرة 2023: إلى الأمام نحو جمهورية ديمقراطية

المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية

ماتثير الإعجاب بشأن مجاهدي خلق

أحدث الاخباروسط فساد حكومي، نقص حاد، سوق سوداء،تتفاغم أزمة الأدوية في إيران

وسط فساد حكومي، نقص حاد، سوق سوداء،تتفاغم أزمة الأدوية في إيران

موقع المجلس:
تفاقمت أزمة نقص الأدوية وارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق خلال الأشهر الأخيرة، في إيران. مما أدى إلى حرمان آلاف المرضى، خاصة مرضى السرطان والأمراض النادرة، من الحصول على العلاج اللازم. وتشير التقارير إلى أن أكثر من 100 نوع من الأدوية الأساسية أصبحت نادرة أو غير متوفرة تمامًا. نتيجة لذلك، ازدهرت السوق السوداء للأدوية، مما أجبر المرضى على شراء الأدوية بأسعار خيالية، مع تعرّضهم لخطر الأدوية المزوّرة، ما يهدد حياتهم بشكل مباشر.

وسط فساد حكومي، نقص حاد، سوق سوداء،تتفاغم أزمة الأدوية في إيران

لطالما وُجدت في إيران تجارة سرية للأدوية المستوردة، إلا أن الأزمة ازدادت سوءًا منذ أواخر الصيف (أغسطس–سبتمبر 2024) عندما شهدت أسعار معظم الأدوية قفزات هائلة. في ظل هذه الظروف، حيث أصبح تأمين الأدوية سباقًا يوميًا للبقاء على قيد الحياة، يضطر المرضى إلى خوض “ماراثون” لا نهاية له في بحثهم عن العلاج.

إحدى القضايا الأكثر خطورة هي تسريب الأدوية الأساسية إلى السوق السوداء وبيعها بأسعار فاحشة. وتشير التقارير إلى أن وسطاء وتجارًا على صلة بالحكومة يستغلون حاجة المرضى الملحّة، ويقومون ببيع الأدوية بأسعار تفوق بأضعاف قيمتها الحقيقية.

ويعود سبب هذه الأزمة إلى عدة عوامل، أبرزها سوء الإدارة، والفساد المستشري، وخلل في نظام توزيع الأدوية. كما أن الشركات الدوائية في إيران تعاني من نقص حاد في المواد الخام، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج المحلي بشكل كبير. أما الأدوية التي يُفترض أن تكون متاحة في الصيدليات، فتُسرَّب عبر وسطاء ومهرّبين إلى السوق السوداء.

بسبب ذلك، يُجبر المرضى الذين يحتاجون إلى أدوية خاصة مثل الأنسولين، وأدوية السرطان، وأدوية التصلب المتعدد (MS)، وعلاجات الأمراض النادرة على دفع مبالغ خيالية للحصول على أدويتهم.

على سبيل المثال، كشف صاحب صيدلية في وسط طهران: أن أسعار أدوية السرطان تتراوح بين 10 إلى 20 مليون تومان (200–400 دولار)، وقد تصل إلى 400 مليون تومان (8,000 دولار). كما ذكر حالة مريض بسرطان الثدي اضطر لدفع 90 مليون تومان (1,800 دولار) مقابل 56 قرصًا من الدواء. وأضاف أن بعض المرضى يضطرون إلى بيع منازلهم لتأمين تكلفة العلاج، كما حدث مع مريض بسرطان الكبد اضطر شقيقه لبيع منزله لتغطية نفقات الدواء.

وإلى جانب الأسعار الباهظة، تشكل الأدوية المقلدة تهديدًا آخر لحياة المرضى. في حادثة صادمة، اشترى مريض مضادًا حيويًا يدعى “زاڤيسفتا” (Zavicefta) من السوق السوداء مقابل 300 مليون تومان (6,000 دولار)، إلا أن الدواء لم يكن له أي تأثير علاجي. وعند فحصه من قبل صيدلي، تبيّن أنه دواء مزيّف، حيث لم يكن مغلفًا بشكل محكم كما هو الحال مع المنتج الأصلي، ما يشير إلى أنه تمت تعبئته بطريقة غير قانونية.

ويعاني نظام توزيع الأدوية في إيران من إهمال إداري وضعف في الرقابة، ما يسمح بتسرّب الأدوية من المستشفيات والصيدليات إلى السوق السوداء. رغم وجود نظام تتبع الأدوية “تیتک” الذي تديره إدارة الغذاء والدواء الإيرانية، إلا أنه أثبت فشله في منع تهريب الأدوية.

وفقًا لـ مهدي بيرصالحی، رئيس منظمة الغذاء والدواء للنظام، لا يزال تسريب الأدوية مستمرًا على الرغم من آليات الرقابة، نافيًا أن يكون الخلل في نظام “تیتک”، لكنه أشار إلى أن بعض الأطراف النافذة تستغل الثغرات القانونية للاستفادة من الفوضى.

ومن جانبه، حذر محمد رئيس زاده، رئيس هيئة النظام الطبي في إيران، من أن بعض الأشخاص يستخدمون بيانات الدخول الخاصة بالأطباء في النظام الإلكتروني للوصفات الطبية، مما يتيح لهم الحصول على أدوية باهظة مثل أدوية العلاج الكيميائي وزراعة الأعضاء بالسعر المدعوم، ثم إعادة بيعها بأسعار مضاعفة في السوق السوداء.

أما عبداللهي أصل، المدير العام لإدارة الأدوية والمواد الخاضعة للرقابة في وزارة الصحة، فقد أوضح أن الفارق الكبير بين سعر الصرف الرسمي للأدوية (28,500 تومان للدولار) وسعر الصرف في السوق الحرة هو العامل الرئيسي في انتشار السوق السوداء. حيث يستغل المهربون هذا الفارق الضخم عبر شراء الأدوية المدعومة والمخصصة لمرضى السرطان والأمراض المستعصية ثم إعادة بيعها بأسعار مرتفعة خارج النظام الصحي الرسمي.

تداعيات أزمة الأدوية لا تقتصر فقط على الأسعار المرتفعة والنقص الحاد، بل تشمل أيضًا انتشار أدوية غير قانونية ومزيفة، مما يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة. ورغم المطالبات المتكررة من المرضى وجمعيات حقوقية بضرورة فرض رقابة صارمة على تجارة الأدوية، إلا أن الحكومة لم تتخذ أي خطوات جادة لحل المشكلة.

وفي 26 ديسمبر 2024، حذر سليمان إسحاقي، المتحدث باسم لجنة الصحة في البرلمان، من أن نقص الأدوية وصل إلى 116 نوعًا حيويًا، مضيفًا أن الأزمة قد تتضاعف عشر مرات بحلول نهاية العام إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة.

الأوضاع تزداد سوءًا بالنسبة للمرضى المصابين بأمراض نادرة مثل الهيموفيليا، ومتلازمة إم بي إس (MPS)، ومرض ضمور العضلات الشوكي (SMA). وخلال الأشهر الماضية، نظمت عائلات المرضى عدة احتجاجات أمام مقر وزارة الصحة ومنظمة الغذاء والدواء، مطالبين بتوفير الأدوية اللازمة.

وفي 17 يناير 2025، كشف حميد رضا إدراكي، المدير التنفيذي لمؤسسة الأمراض النادرة في إيران، أن هناك 449 مرضًا نادرًا مسجلًا رسميًا في البلاد، وأن إيران لا تنتج الأدوية الخاصة بهذه الأمراض نظرًا لتكاليف الإنتاج المرتفعة، بينما تبقى الأدوية المستوردة محتجزة في الجمارك لشهور، حتى انتهاء صلاحيتها.

ورغم التحذيرات المتواصلة، لم تقدم الحكومة أي حلول جذرية للأزمة. وفي محاولة للالتفاف على المشكلة، أعلن وزير الصحة محمد رضا ظفرقندي في 28 يناير 2025 أن الحكومة وافقت على رفع أسعار بعض الأدوية، بحجة أن المصانع الدوائية لم تعد قادرة على الاستمرار في الإنتاج بسبب التكاليف المرتفعة.

وتعد أزمة الأدوية في إيران مثالًا صارخًا على الفساد وسوء الإدارة داخل النظام الصحي. فبينما يموت المرضى بسبب نقص الأدوية، يستفيد المقربون من الحكومة والتجار غير الشرعيين من هذه الفوضى لجني أرباح طائلة.

إن تفشي السوق السوداء، وبيع الأدوية المقلدة، وفشل الحكومة في فرض الرقابة على نظام التوزيع يكشف عن انهيار خطير في القطاع الصحي الإيراني. وإذا استمرت الحكومة في تجاهل الأزمة، فإن معاناة المرضى ستتفاقم، وستشهد البلاد مزيدًا من الكوارث الصحية في المستقبل القريب.