موقع المجلس:
تتفاقم الازمات التي یواجهها النظام الایراني یوم بعد یوم مما یوحي عن أزمة ثوریة في المجتمع الایراني. احدی هذه الازمات، أزمة السکن و ارتفاع تکالیفها کل حین. وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يُعتبر الحصول على مأوى، بما في ذلك السكن، حقاً أساسياً إلى جانب التعليم والرعاية الصحية والأمان والحفاظ على الكرامة والاحترام. ومع ذلك، في إيران، تحت ما يصفه النقاد بـ “الفاشية الدينية”، تم التقليل من شأن هذا الحق الأساسي لسنوات.
وأصبح السكن في حياة الإيرانيين ترفاً، حيث وصلت أسعار العقارات السكنية في طهران الآن إلى مستويات خيالية. ووفقاً لأحدث الإحصاءات الرسمية التي أوردتها بهار نيوز، بلغ متوسط سعر العقارات السكنية في طهران 88.5 مليون ريال إيراني للمتر المربع. ونتيجة لذلك، أصبح شراء منزل متواضع بمساحة 100 متر مربع يتطلب ميزانية تقارب 8.85 مليار ريال إيراني.
وخلال العام الماضي، ارتفعت أسعار السكن في طهران بحوالي 16٪، بينما وصل معدل التضخم العام في البلاد، كما ذكر المركز الإحصائي الإيراني، إلى 32.5٪. هذا يعني أن الأسر الإيرانية تنفق في المتوسط 32.5٪ أكثر مما كانت عليه في العام الماضي لشراء مجموعة مماثلة من السلع والخدمات. وكان التضخم في السكن شديداً بشكل خاص، بمعدل حوالي 40٪ خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، مما وضع عبئاً مالياً غير مسبوق على الأسر الإيرانية.
ومن المهم التنويه إلى أن أي تحول في أسعار السكن، مشابه للتغييرات في تكاليف الوقود وأجور النقل الحضري، له تأثير مباشر وفوري على جميع الأسعار الأخرى. أدى هذا التأثير إلى زيادات كبيرة في الأسعار في قطاعات مختلفة خلال نفس الفترة، بما في ذلك:
– التعليم بنسبة تقريباً 38٪
– المواد الغذائية بأقل من 30٪
– الملابس بحوالي 28٪
– الرعاية الصحية بنسبة 27٪
– الاتصالات بحوالي 24٪
وتكشف نظرة إلى هذا المؤشر عن ترابط أزمة السكن مع أزمات الخبز، والماء، والكهرباء، والغاز، والبقالة الأساسية، والملابس، والاتصالات. عندما يتم سحب كل من هذه الخيوط، يؤدي ذلك إلى أزمة سياسية طالما كانت تتطور إلى أزمة ثورية في المجتمع الإيراني. تشترط هذه الأزمة المتعددة الجوانب وجود إيران ومستقبل شعبها على بقاء أو زوال الفاشية الدينية التي تحكم البلاد.
على مدار السنوات الماضية، أظهر النظام الحاكم في إيران نهجاً غير مبالٍ بالأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المواطنين الإيرانيين. بدلاً من التركيز على تحسين البنية التحتية الاقتصادية والمعيشية للشعب، انغمس النظام بشكل كبير في سياسات النزاع ودعم الجماعات الإرهابية في المنطقة. هذا التوجه أدى ليس فقط إلى استنزاف الموارد المالية الضرورية للتنمية الداخلية، بل أيضًا إلى تدهور العلاقات الدولية مع العديد من الدول.
التورط في البرامج النووية والعسكرية أضاف عبئًا ثقيلًا آخر على كاهل المواطنين، حيث استنزف هذه المشروعات موارد هائلة كان يمكن أن تُستخدم في تحسين الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية. الشعب الإيراني، الذي يتحمل تبعات هذه السياسات، وجد نفسه في مواجهة ارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة، تراجع في جودة الحياة، وزيادة في الضغوط الاقتصادية.
مع تفاقم هذه الأزمات، يشعر الكثيرون بأن الحلول التقليدية لم تعد كافية لمعالجة المشاكل المتراكمة. الشعور بالإحباط المتزايد وعدم الثقة في قدرة النظام على إحداث تغيير حقيقي قد دفع الشعب إلى النظر في خيارات أكثر جذرية. لقد أصبحت الدعوات إلى القيام بتغيير جذري وإصلاح شامل للنظام أكثر شيوعًا، حيث يطالب المواطنون بنهج جديد يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية والاستقرار الاقتصادي. في هذا السياق، يبدو أن الانتفاضة أو الحراك الشعبي لم يعد مجرد خيار، بل ضرورة ملحة يراها الكثيرون كوسيلة لاستعادة حقوقهم وضمان مستقبل أفضل. الشعب الإيراني، الذي عانى طويلاً من الإهمال والتهميش، يسعى الآن إلى إعادة تحديد مسار البلاد بطريقة تعكس الإرادة الحقيقية والتطلعات العميقة لمواطنيها.