موقع المجلس:
شهدت إيران يوم الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024، سلسلة من الاحتجاجات في مختلف المدن الإيرانية، مما يظهر انتشار الاضطرابات المدنية الواسعة المدفوعة بالمظالم الاقتصادية والمطالبة بتحسين ظروف العمل. من حقول الغاز في بوشهر إلى شوارع طهران وشهريار المزدحمة، يمتد التذمر عبر مجموعة متنوعة من المهن، بما في ذلك العمال التعاقديون والمعلمون المتقاعدون والباعة الجائلون وموظفو شركات المترو.
وتعكس هذه التظاهرات شعورًا أوسع بعدم الرضا عن السياسات الاقتصادية والاجتماعية الحالية وطريقة تعامل السلطات مع الحقوق المدنية. المشاركون، الذين دفعهم تأخر الدفعات، وعدم كفاية الأجور، ونقص المعاشات، خرجوا إلى الشوارع للتعبير عن إحباطاتهم والمطالبة بالتغيير.
تحية لآلاف من العمال الشرفاء في مجمع الغاز في بوشهر الذين خرجوا اليوم إلى الشوارع بعد 16 اسبوعا من الاحتجاج ورددوا ضد نظام الملالي شعار "رواتب عادلة حقنا المؤكد".
هذا نظام إما ينهب ثروات البلد على حساب إفقار العمال والكادحين وعموم الشعب الإيراني وإما ينفقها لممارسة القمع ضد الشعب… pic.twitter.com/45GxFrYSLh— مریم رجوي (@Maryam_Rajavi_A) November 26, 2024
وفي مدينة بوشهر، تجمع عدة آلاف من العمال التعاقديين في صناعة الغاز أمام مبنى الإدارة الرئيسية لمجمع الغاز بالمدينة، احتجاجًا على ظروف عملهم. وترددت هتافات مثل «من الشعارات إلى الأفعال، وعود بلا تنفيذ» بين الحشود. هذا التجمع، الذي شارك فيه عمال من 12 مصفاة بالمنطقة، هو ذروة 16 أسبوعًا من الاحتجاجات المتفرقة التي شهدتها هذه المنشآت. وقد نظم العمال هذا التجمع المنسق للمطالبة بتحسين عاجل لظروف العمل وصرف المستحقات المتأخرة نتيجة لتجاهل الحكومة لمطالبهم.
وفي طهران، نظم المعلمون المتقاعدون تجمعًا احتجاجيًا أمام مقر رئاسة الجمهورية في طهران. عبر المشاركون في التجمع عن استيائهم بصوت عالٍ، مرددين شعارات مثل «لم ترَ أمةٌ هذا القدر من الظلم»، «عدو المتقاعدين، حكومة مفلسة»، «كفى بالوعود الفارغة، موائدنا خاوية»، «باسم الحق، أقصِ الباطل»، و«صرخة ضد هذا الطغيان الشديد».
ويواجه المعلمون المتقاعدون في إيران ظروفًا اقتصادية صعبة، حيث تأتي احتجاجاتهم في ظل ارتفاع مستويات التضخم وتدهور القوة الشرائية. يشكو المتقاعدون من عدم كفاية معاشاتهم التقاعدية لتغطية النفقات الأساسية، مما يضعهم في موقف مالي حرج. التأخير في دفع المعاشات والفجوة بين تكاليف المعيشة والدخل الثابت تزيد من صعوباتهم اليومية.
ونظم موظفو شركة تشغيل مترو طهران تجمعًا احتجاجيًا للتعبير عن مطالبهم والتنديد بالظروف العملية التي يواجهونها. يطالب المحتجون بتحسين ظروف العمل وزيادة الأجور وتحسين الأمان الوظيفي، مشيرين إلى إهمال حقوق العمال وتجاهل المخاوف الصحية والأمانية في بيئة العمل.
عبّر المتظاهرون عن استيائهم من تأخرات دفع الرواتب وعدم استجابة الإدارة لطلباتهم المتكررة لتحسين شروط العمل، مما يؤدي إلى زيادة الضغط النفسي والجسدي على العاملين. وقد رفعوا شعارات تدعو إلى العدالة الاجتماعية وضمان الحقوق الكاملة للعمال في قطاع النقل الحيوي.
في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة والفقر المتزايد، واجه موظفو بلدية شهريار الباعة الجائلين بشكل عنيف. يلجأ الكثيرون إلى البيع في الشوارع كوسيلة لكسب العيش وتوفير القوت لأسرهم بسبب الحاجة المالية الملحة. وفقًا لشهادات من عين المكان، هاجم موظفو البلدية الباعة دون تحذير مسبق وقاموا بإزالة أماكن بيعهم. أدت هذه الأعمال إلى اشتباكات واحتجاجات شديدة من قبل الباعة والمواطنين الذين كانوا في المكان.
هذه الاحتجاجات المتزامنة في مختلف المدن الإيرانية هي نتاج عقود من السياسات التي تجاهلت الأولويات الداخلية لصالح طموحات خارجية. استنزاف الموارد الوطنية في مغامرات إقليمية وتمويل جماعات مسلحة خارجية أدى إلى تدمير الاقتصاد المحلي وزيادة الفقر والبطالة. المواطنون الذين يرفعون أصواتهم اليوم ليسوا فقط ضد الفقر وسوء الإدارة، بل يعبرون عن رفضهم لنهج سياسي واقتصادي استمر لعقود وأدى إلى تفاقم الأزمات.
الإصرار على تجاهل مطالب الشعب والاستهانة بمعاناتهم اليومية لن يؤدي إلا إلى تعميق الشرخ بين النظام والمواطنين، ما يجعل الحاجة إلى تغيير جذري في السياسات أمرًا لا مفر منه. الاحتجاجات الحالية ليست فقط دعوة لتحسين الأوضاع المعيشية، بل تعكس تطلعات أوسع نحو العدالة والشفافية وحياة أفضل.