ایلاف – د. محمد الموسوي:
جانب من الدمار الذي خلفه القصف الإسرائيلي على شرق مدينة بعلبك
الحديث عن خيانة الملالي لمحور المقاومة وبيع قادة حماس وحزب الله في وقتها لن يستوعبه أحد وسيعتبره البعض تعدياً وخيانة.. ولكن اليوم وبعد مرور بعض الوقت وهدوء النفوس قليلاً والنظر إلى حجم الخسائر وحالة الدمار الذي لحق بغزة ولبنان، أعتقد أنه بات من المنطق مراجعة ما جرى طيلة العقود المنصرمة فيما يتعلق بالنظام الإيراني، شعاراته وحقيقة مخططاته وواقع تدخلاته في المنطقة، ومن ساعده على تحقيق هذه المخططات، وما أحدثه نظام الولي الفقيه في العراق والمنطقة بعد عام 2003 وطيلة العام الماضي بعد مؤامراته وتوفير فرصة القضاء على غزة، وبيعه قيادة حماس وحزب الله للمحتل.
تعيد الأحداث الجارية في فلسطين ولبنان الآن الأذهان إلى ثمانينيات القرن الماضي، حيث الدم المسفوك عبثاً، وصناعة الخيبة والعار بالغدر والخيانة وضحالة الفكر وتردي الرؤية وسوء التقدير؛ يومها أيضاً كانت المجازر في لبنان بحق الفلسطينيين على يد الميليشيات الموالية لملالي طهران، وبصراحة بعد قراءة مجمل الأحداث التي جرت وتجري لا نخفي عليكم مدى قلقنا وتخوفنا من مآلات تكون أكبر من قدرات المنطقة وفوق طاقتها وإرادتها.
تُعدِم الخيارات وتصعب الحلول، وكأن المثل العربي القائل “يا مغرب خرب” يضع ويحشر نفسه في هذه الأحداث، وها حماس وحزب الله يغربون ويتركونها خراباً وراءهم.. الصورة سوداء قاتمة، والموقف الدولي أكثر سفاهة، ولا يستطيع المرء قراءة الموقف بدقةٍ بمفرده خاصة في هذا الوضع المرعب، وهذا الملف الشائك الذي تقع تبعاته ليس على كاهل الشعبين الفلسطيني واللبناني فحسب بل على شعوب المنطقة كلها من بينها شعوب إيران والعراق وسوريا واليمن بعد أن دفع نظام الملالي بدول المنطقة نحو آتون الحروب والمخدرات وفرضوا منطق القوة التي يدفع الغرب تكاليفها على المنطقة.
حالة التهشيم والانكسار التي مُنيَ بها حزب الله وحماس بسبب خيانة نظام الولي الفقيه حالة شاملة، ودفعوا بالبسطاء ممن لا حول لهم ولا قوة نحو حمل عبء هذا الانكسار بعد أن أُصيبوا بصدمة وهول الصاعقة التي وقعت عليهم وعلى ذويهم إذ لم يكونوا يتصورون مدى خسة ووضاعة الملالي، وبالتالي يجدون أنفسهم أمام مشروع خديعة كبرى وأنه تم التغرير بهم وأضحوا ضحايا وقرابين محرقة لكي تقوم إمبراطورية الملالي الذين وفروا الظروف اللازمة والمطلوبة لتحقيق مخططات العدو بشكلٍ مباشر وغير مباشر.
الخسارة سياسية وتنظيمية وتعبوية وعسكرية.. خسر حزب الله الجانب الأعظم من قدراته العسكرية والقيادية، وأما التعبئة المتبقية لدى حزب الله ما هي إلا تعبئة تنظيمية وأمنية بالداخل اللبناني بعيداً عن جبهات القتال، وقد لا تزال القدرات المالية للحزب قوية لكنها لا تكفي للنهوض بحزب الله عسكرياً كما كان قبل على المدى القريب، وأما على الصعيد القيادي فيحتاج الحزب إلى خمس سنوات على الأقل لإعادة هيكلته القيادية والتنظيمية بثقة، ولا أعتقد أن تبقى ثقتهم بالملالي كما كانت ولا يُفترض أن تكون.
حماس التي هي أقل خسارة من حزب الله من الناحية العسكرية، وهي أكثر صموداً من حزب الله رغم ضعف قدراتها المالية والعسكرية مقارنة بحزب الله، لكنها اليوم ستعاني كثيراً من الناحية السياسية، ويميل وضعها الحالي إلى الوصف بأنها مجموعة قتالية أكثر من كونها سياسية، وأكثر حرصاً الآن على الحفاظ على قيادتها وقادتها السياسيين، وستستمر حماس في القتال كي لا تخسر ماء الوجه أمام الشعب الفلسطيني حتى يتم وقف إطلاق النار..، وأما من الناحية التعبوية فتبقى القدرات المالية بالإضافة إلى الوضع الأمني في صدارة الموقف.