موقع المجلس:
علی رغم احتياطياتها الهائلة من الغاز، تواجه ایران الأزمة نقص الغازالحاد و التي تعكس ما يصفه المنتقدون بفشل كبير من السلطات الحاكمة. ويعزو المراقبون هذه المشكلة إلى سوء الإدارة النظامي وغياب المسؤولية بين المسؤولين.
تواجه إيران مخاوف متزايدة بشأن نقص الغاز مع اقتراب فصل الشتاء، مما دفع المسؤولين في النظام إلى إصدار تحذيرات ودعوات لتوفير الطاقة. وعلى الرغم من أن إيران تُعد ثاني أكبر دولة في العالم من حيث احتياطيات الغاز الطبيعي، فإن هذه الأزمة أثارت تساؤلات كبيرة حول كفاءة السياسات الحكومية.
وفي يوم الأربعاء، 6 نوفمبر 2024، صرّح محمد جعفر قائمپناه، نائب الرئيس التنفيذي لحكومة پزشکيان: “نحن نواجه نقصًا في الغاز والكهرباء والطاقة. ولتقليل حالات انقطاع الكهرباء، يجب على الأسر خفض درجات حرارة منازلها وتقليل استهلاك الغاز والكهرباء.” وأضاف: “أحد أسباب عدم التوازن في الطاقة في البلاد هو الدعم المالي الكبير الذي يجعل الطاقة زهيدة الثمن.”
وفي اليوم نفسه، أيد آرش نجفي، رئيس لجنة الطاقة في غرفة التجارة، هذه المخاوف بقوله: “في يناير، لن نواجه فقط انقطاع الكهرباء، بل أيضًا نقصًا في الغاز. لا يزال البعض يتجاهل الواقع، على أمل أن تمر الأشهر الستة القادمة بدون مشاكل.”
وفي الأول من نوفمبر 2024، أشار سعيد توکلي، مدير الشركة الوطنية للغاز الإيراني، إلى أن اعتماد البلاد على الغاز الطبيعي غير مسبوق، مقارنًا استهلاك الغاز في إيران باستهلاك الصين رغم الفارق الكبير في عدد السكان. وصرّح: “لقد أصبح سلة الطاقة في البلاد موجهة نحو الاستهلاك، حيث يستخدم قطاع توليد الطاقة 83% من الغاز، وهي نسبة مرتفعة جدًا. بغض النظر عن كمية إنتاج الشركة الوطنية للنفط والغاز، سيظل هناك نقص في الغاز.”
وفي تصريح لاحق في الثاني من نوفمبر، أكد توکلي على خطورة الوضع وحث المواطنين على توفير الغاز، مشيرًا إلى أن مستويات الاستهلاك تفوق المتوسط العالمي بثلاثة أضعاف ونصف. وأوضح أنه خلال فترات الذروة في فصل الشتاء، قد يواجه شبكة الغاز نقصًا يتراوح بين 250 و300 مليون متر مكعب، مما يستدعي استخدام وقود بديل مثل زيت الغاز وزيت الوقود. وأضاف: “إذا انخفضت درجات الحرارة في المناطق الشمالية بمقدار 12 درجة، فسيزداد استهلاك الغاز بشكل كبير يعادل إنتاج مرحلة واحدة من حقل بارس الجنوبي.”
وفي تصريح غير متوقع، حذر توکلي من توقعات جوية تشير إلى انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر اعتبارًا من 1 نوفمبر 2024، حيث قال: “ستنخفض درجات الحرارة إلى -4°م، مما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في استهلاك الغاز الوطني.” كما أشار إلى أن نسبة الفاقد في الغاز في إيران تقل عن 4%، لكنه اقترح أن وقف صادرات الغاز إلى تركيا قد يصبح ضرورة، مما قد يضر بمصداقية إيران الدولية ويفتح الباب أمام المنافسة من روسيا وتركمانستان.
وتم التأكيد على خطورة الوضع من قبل پزشکيان خلال جلسة برلمانية في 29 أكتوبر 2024، حيث قال: “نواجه عجزًا في الكهرباء والماء والغاز والموارد المالية، وحتى الآن لا نستطيع توفير الغاز والكهرباء لبعض المصانع الإنتاجية.”
وعبّر هاشم أورئي، أستاذ في جامعة شريف التكنولوجية، عن قلقه في وقت سابق في 22 سبتمبر 2024: “الحقيقة هي أن دولة تمتلك 17% من احتياطيات الغاز العالمية تواجه نقصًا في الغاز واضطرت إلى إبرام صفقات مع روسيا لتلبية احتياجات الشتاء. هذه الأزمة ليست فقط تحديًا للشتاء المقبل، بل تمثل مشكلة طويلة الأمد.”
وكان محمد رضا عارف، النائب الأول لبزشكيان، قد حذر أيضًا سابقًا من النقص المتوقع: “من الواضح بالفعل أننا سنواجه نقصًا في الغاز في الشتاء، يليه عجز في الكهرباء في الصيف.”
وقوبلت تصريحات توکلي، التي حمل فيها الشعب المسؤولية، بانتقادات واسعة. واتهم المواطنين بالإفراط في استهلاك الغاز وحثهم على توفيره: “نحث المواطنين على توفير الغاز، إذ أن مستويات الاستهلاك الحالية تفوق المعايير العالمية بكثير.” ومع ذلك، يجادل العديد من الإيرانيين بأن تركيز الحكومة على إلقاء اللوم على الشعب يتجاهل القضايا الأعمق مثل فشل البنية التحتية والسياسات الطاقوية الخاطئة.
ومع استعداد إيران لفصل الشتاء، يلوح في الأفق شبح أزمة طاقة كبيرة. وبدون اتخاذ إجراءات حاسمة ومحاسبة حقيقية من المسؤولين الحكوميين، فإن البلاد مهددة بموسم مليء بالنقص الحاد واستياء شعبي واسع.