موقع المجلس:
شهدت الأسواق الإيرانية یوم امس رد فعل واضحاً بارتفاع ملحوظ في سعر الصرف.و یأتي هذا رد الفعل مع انتشار خبر فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
فقد افتتح سعر الدولار صباح الأربعاء 6 نوفمبر عند مستوى ٧٠ ألف تومان، بعد أن كان يوم الثلاثاء 5 نوفمبر وقد بلغ ٦٨ ألف و٩٦٠ تومان، مما يعكس أول استجابة اقتصادية إيرانية تجاه فوز ترامب ويؤكد القلق المتزايد حول ضغوط جديدة قد تهدد مصادر العملة الأجنبية لإيران.
وفي لقاء مع شبكة فوكس نيوز في 16 أكتوبر 2024، وقبل توليه منصبه الجديد، استعرض ترامب سياسته السابقة تجاه إيران وتدابير الحد من مصادر تمويلها. وقال «أخبرت الصينيين بعدم شراء النفط الإيراني، وقد استجابوا» وأضاف «إذا استمروا في الشراء، فلن يتمكنوا من التجارة مع الولايات المتحدة». كانت تلك السياسات تهدف إلى تقليص صادرات النفط الإيرانية، المصدر الأساسي لإيراداتها من العملات الأجنبية.
وتشكل مبيعات النفط عماد الاقتصاد الإيراني ومصدره الأساسي للحصول على العملة الصعبة. وقد وصلت صادرات النفط إلى حوالي ۳.۲ مليون برميل يومياً بعد توقيع الاتفاق النووي عام 2015، إلا أنها شهدت تراجعاً حاداً خلال فترة رئاسة ترامب، حيث وصلت إلى ما يقارب ۱۹۰ ألف برميل يومياً في شتاء 2019، أي ما يعادل سبع قيمة الصادرات السابقة تقريباً.
ومع وصول إدارة بايدن إلى الحكم، شهدت صادرات النفط الإيراني انتعاشاً ملحوظاً، حيث تجاوزت مليوني برميل يومياً في أغسطس 2023) بعد أن سمحت الإدارة الأمريكية بالإفراج عن أموال إيران المجمدة في كوريا الجنوبية. وجاء هذا الانتعاش نتيجة تخفيف العقوبات جزئياً، مما أتاح لإيران استعادة تدفقات عملاتها الأجنبية بشكل ملحوظ.
وفي الانتخابات الرئاسية الإيرانية صرّح محمد جواد ظريف، الذي شغل منصب مستشار في حملة مسعود پزشکیان، خلال مناظرة أن إدارة بايدن كانت قد “خففت” من وطأة العقوبات، مما ساعد على استعادة الاقتصاد الإيراني. بذلك، تمكنت إيران من زيادة إيراداتها من العملة الأجنبية بفضل التساهل النسبي من البيت الأبيض.
ولكن مع عودة ترامب، يبرز القلق من أن إيرادات إيران من العملة الأجنبية قد تواجه تراجعاً كبيراً مرة أخرى، شبيهاً بالقيود الصارمة التي كانت في الفترة من 2017-2021. ويرى الخبراء أنه إذا انتهج ترامب سياسات مماثلة، فإن قيمة العملة الإيرانية قد تتدهور، مما يهدد استقرار السوق النقدي الإيراني مجدداً.
ويأتي هذا القلق في وقت تتغير فيه الساحة الجيوسياسية بشكل كبير عن فترة ترامب الأولى، مع تصاعد الصراع المباشر بين إيران وإسرائيل في المنطقة، ما يزيد من الشكوك حول قدرة إيران على الحفاظ على إيرادات النفط التي تحتاجها بشكل كبير.
وبدأت فترة رئاسة ترامب الأولى في شتاء 2017، وكان سعر الدولار حينها يبلغ نحو ۳,۶۵۰ تومان في السوق الحرة الإيرانية. بحلول عام ۱۳۹۶، تجاوز السعر حاجز الأربعة آلاف تومان، ووصل بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي في ربيع 2018 إلى نحو ۱۲ ألف تومان.
مع اقتراب شتاء 2024، يحذر المحللون الاقتصاديون من أن الاقتصاد الإيراني يتوقف بشكل كبير على التحولات في السياسة الأمريكية، ما يؤثر مباشرة على استراتيجيات النفط الإيرانية. وقد وضعت النظام الایراني الرابعة عشرة توقعات ميزانية طموحة لعام 2025، تعتمد على إنتاج يومي يصل إلى ۳.۷۵ مليون برميل، لكن السؤال يبقى حول قدرة إيران على تحقيق هذا الهدف في ظل احتمال إعادة فرض عقوبات صارمة.
وتواجه شبكة مبيعات النفط الإيرانية، التي استفادت من تساهل إدارة بايدن، تحديات حقيقية في الحفاظ على نفس القدرات السابقة. وأشار الخبير الاقتصادي محسن رناني، الداعم للبزشكيان، إلى أن “عدم وصول سعر الدولار إلى ۲۰۰ ألف تومان سيكون معجزة”. ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، قد لا تستمر هذه “المعجزة” طويلاً، مما يثير التساؤلات حول قدرة الاقتصاد الإيراني على الصمود في مواجهة ضغوط أمريكية متجددة.
وستكشف الأشهر القادمة ما إذا كانت إيران ستتمكن من الحفاظ على إيراداتها النفطية أو إذا كانت عودة العقوبات الصارمة ستؤدي إلى تدهور جديد في قيمة التومان، مما يفتح فصلاً جديداً من التحديات الاقتصادية.