موقع المجلس:
وجهت المقررة الخاصة، الدكتورة ماي ساتو، خلال تقريرها الأول للجمعية العامة للأمم المتحدة، رسالة حازمة حول تدهور وضع حقوق الإنسان في جمهورية إيران الإسلامية. حيث تركزت ملاحظاتها على تزايد حالات الإعدام، وقمع حقوق المرأة، ونقص الشفافية، ما يعكس أزمة متفاقمة تؤثر بشكل غير متناسب على النساء والأقليات والمجتمعات المهمشة. يأتي تقريرها وسط دعوات عالمية لإيران بضرورة مواءمة ممارساتها المتعلقة بحقوق الإنسان مع المعايير الدولية.
وفي صلب ملاحظاتها، أبدت الدكتورة ساتو قلقها الشديد إزاء الارتفاع الحاد في حالات الإعدام، واصفة إياه بأنه يقوض “الحق الأساسي في الحياة.” وأشارت إلى أنه في أغسطس 2024 وحده، تم إعدام ما لا يقل عن 93 شخصًا في إيران، نصفهم تقريبًا بسبب جرائم تتعلق بالمخدرات. وأبرزت أن العديد من هذه الأحكام صدرت على خلفية تهم واسعة التعريف تتعلق بالأمن، مثل “الإفساد في الأرض”، و”التمرد المسلح”، و”محاربة الله.” وأكدت الدكتورة ساتو أن هذه التهم، التي تُستخدم بمرونة شديدة، لا تفي بمعيار “أشد الجرائم خطورة” وفق القانون الدولي، ودعت لمراجعة صارمة لهذه الأحكام بما يتماشى مع هذه المعايير.
وتطرقت الدكتورة ساتو أيضًا إلى وضع النساء والفتيات في إيران، لا سيما في ظل الحركات الاحتجاجية ومشروع قانون “العفة والحجاب.” يفرض هذا القانون قيودًا صارمة على حرية النساء الشخصية في اللباس والتصرف، حيث يلزمهن بتبني قواعد لباس وسلوك محددة. وحذرت الدكتورة ساتو من أن هذا القانون المقترح يمثل نموذجًا للسيطرة النظامية على المرأة في إيران ويزيد من حدة التمييز القائم على النوع الاجتماعي. وأشارت إلى أن “إيران لا تزال واحدة من الدول القليلة التي لم تصادق بعد على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة”، داعية السلطات إلى إعادة النظر في موقفها تجاه هذه المعاهدة الدولية الأساسية.
كما تناولت الدكتورة ساتو التأثير الأوسع للسياسات الإيرانية على المجتمعات التي تتعرض للتمييز على أساس العرق أو الدين أو التوجه الجنسي. وأوضحت أن اتباع نهج تقاطعي يراعي النوع الاجتماعي سيمكن الحكومة الإيرانية من تخفيف الآثار السلبية لهذه السياسات على الفئات الضعيفة. وأكدت أن هذا النهج ضروري لمعالجة طبقات التمييز المتراكبة التي تؤثر على الأفراد وفقًا لهوياتهم المتقاطعة. وفقًا لرؤيتها، فإن هذا الإطار من شأنه أن يسهم في صياغة سياسات أكثر شمولية وإنصافًا تحترم كرامة وحقوق جميع المواطنين.
وأبرزت ساتو أهمية الشفافية والوصول إلى المعلومات كركيزة أساسية، مشيرة إلى أن هذه العناصر “مرتبطة بشكل لا ينفصل بالحق في معرفة الحقيقة” وأنها ضرورية لتعزيز المساءلة في النظام القضائي الإيراني. فعدم شفافية العمليات القضائية، مقترنًا بالقيود المفروضة على الوصول إلى المعلومات، يحرم المواطنين والمجتمع الدولي من فهم النطاق الكامل لممارسات حقوق الإنسان في إيران. ودعت إلى تعزيز الشفافية، مما سيمكن من التدقيق المحايد وضمان التزام إيران بالالتزامات الدولية لحقوق الإنسان.
وأبدت الدكتورة ساتو استعدادها للتعاون مع الحكومة الإيرانية لمعالجة هذه القضايا بشكل بناء. وقالت: “أنا مستعدة للتعاون مع إيران لتقييم ومعالجة قضايا حقوق الإنسان”، مؤكدة التزامها بالدور المحايد في هذا السياق. وشددت الدكتورة ساتو على أن مهمتها ليست معادية، بل هي فرصة لإيران لتعزيز حماية حقوق الإنسان فيها. ووفقًا لرؤيتها، “يتطلب التقدم الحقيقي التعاون من جميع الأطراف – الحكومة الإيرانية، وشعبها، والمجتمع المدني، والمجتمع الدولي.”
ومع ذلك، أوضحت رسالتها التوقعات بضرورة اتخاذ إيران خطوات جادة للالتزام بمعايير حقوق الإنسان العالمية. وحثت السلطات الإيرانية على مراجعة السياسات التي تسمح باستخدام العنف من قبل الدولة دون قيود، ومراجعة القوانين التي قد تبرر القتل، واعتماد ممارسات تضمن التحقيق الكامل في جميع الوفيات أثناء الاحتجاز. وأكدت أن مثل هذه الإجراءات ستعكس التزامًا بحماية حقوق جميع المواطنين الإيرانيين واستعدادًا للانخراط في إصلاحات ذات مغزى.
وفيما يترقب المجتمع الدولي رد إيران، يعتبر تقرير الدكتورة ساتو تذكيرًا جوهريًا بالحاجة الماسة إلى إصلاحات شاملة. وتركز توصياتها على إجراءات محددة يمكن للنظام اتخاذها لتتماشى مع إطار حقوق الإنسان العالمي. ومع توجيه انتباه الأمم المتحدة والعالم إلى سجل النظام الحاکم في إيران بشأن حقوق الإنسان، يبعث تقرير الدكتورة ساتو رسالة واضحة بأن المساءلة والاحترام لحقوق الإنسان هما التزام لا خيار.