موقع المجلس:
مع عدم اکتراث نظام الملالي بسلامة و حیاة المواطنین، يعد عجز الحكومة عن توفير الميزانية اللازمة لصيانة الطرق وتحديثها عاملاً رئيسياً يزيد من معدلات الوفيات المرتفعة على طرق إيران.
فقد أدت الأزمات الاقتصادية والانخراط في النزاعات الإقليمية إلى استنزاف الموارد المالية، مما جعل تحسينات البنية التحتية أمراً مستبعدًا. من بين المناطق الأكثر تضررًا تأتي الطرق الريفية، خاصةً في بلوشستان، حيث تساهم البنية التحتية المتدهورة والطرق المتضررة في تسجيل أعلى معدلات الحوادث في البلاد. وتعكس الأعداد المرتفعة للوفيات في هذه المنطقة افتقار الحكومة للاستثمارات الضرورية، خصوصاً بعد الفيضانات المدمرة التي خلفت الطرق في حالة سيئة.
في 28 أكتوبر 2024، كشف رئيس شرطة المرور للنظام الإيراني، تيمور حسيني، عن أحدث إحصاءات وفيات الحوادث المرورية للنصف الأول من العام، مسلطًا الضوء على العدد الكبير للضحايا بسبب حوادث الطرق في إيران. ووفقًا لما أوردته وكالة الأنباء الحکومیة “إيسنا”، صرّح حسيني أن “عدد القتلى في الحوادث قد وصل إلى 10,097 شخصاً”، مما يعكس حجم الكارثة على طرق إيران.
وأشار حسيني إلى أن 62% من الحوادث القاتلة شملت المركبات الشخصية، حيث شكلت السيارات الخاصة والدراجات النارية نسبة 25% لكل منهما، في حين بلغت نسبة الشاحنات الصغيرة 6%، والشاحنات الثقيلة 5%، والمواصلات العامة 1% فقط. هذه النسبة العالية للوفيات المرتبطة بالمركبات الشخصية والدراجات النارية تعكس استياء الناس من جودة وأمان السيارات المصنعة محليًا، التي يطلق عليها الناس لقب “عربات الموت”. بالإضافة إلى ذلك، فإن البنية التحتية للطرق المتهالكة وغير المطورة تساهم بشكل كبير في هذه الخسائر البشرية، دون أي جهود حقيقية للترميم أو التجديد.
وبالإضافة إلى حوادث المركبات، فإن المشاة يمثلون نسبة كبيرة من الضحايا. وأوضح حسيني أن “المشاة يشكلون 16% من إجمالي الحوادث، وترتفع نسبتهم إلى 24% في المناطق الحضرية، بينما تصل نسبتهم إلى 8% في المناطق غير الحضرية.” تعكس هذه البيانات المخاطر التي يواجهها المشاة، خاصةً في المناطق الحضرية التي تعاني من غياب البنية التحتية المناسبة للمشاة، مما يزيد من احتمالات وقوع حوادث.
وأشار رئيس شرطة المرور إلى أن أعلى معدلات الحوادث تحدث بين الساعة 4 و8 مساءً، مما يمثل 25% من إجمالي الحوادث، تليها الساعات بين 8 مساءً و12 منتصف الليل بنسبة 22%. تعكس هذه الأوقات ذروة الحركة المرورية، وتشير إلى الحاجة لاتخاذ تدابير أمان خاصة في هذه الفترات، والتي تغيب حاليًا بسبب نقص التمويل.
إحدى القضايا المثيرة للقلق هي احتمال عدم الدقة في أعداد ضحايا الحوادث المرورية المعلنة. بالنظر إلى نقص المركبات الآمنة والطرق غير المطابقة للمواصفات في جميع أنحاء البلاد، يعتقد كثيرون أن العدد الفعلي للوفيات قد يكون أعلى بكثير مما تعلنه السلطات. ويشير مراقبون إلى أن الخوف من إثارة غضب شعبي قد يدفع المسؤولين إلى التقليل من الأرقام لتجنب أي احتجاجات اجتماعية.
ويعزو الكثيرون غياب تحسينات السلامة على الطرق إلى تركيز الحكومة على النزاعات العسكرية الإقليمية على حساب رفاهية المواطنين. ففي الآونة الأخيرة، خُصص أكثر من 200 مليون دولار من أموال الشعب لصالح هجمات صاروخية من قبل الحرس، دون أن تحقق أي فائدة ملموسة للشعب الإيراني. وتبرز هذه النفقات حالة الإحباط المتزايدة بين الإيرانيين، إذ يتم تحويل الموارد التي يمكن أن تعزز السلامة العامة وتحسن البنية التحتية إلى صراعات إقليمية، مما يترك المواطنين يدفعون ثمن أولويات حكومية لا تخدمهم.