ایلاف – محمود حكميان:
التطورات التي جرت خلال الأسابيع القليلة المنصرمة، والتي شهدت مؤشرات تدل على عمليات ترويج لافتة للنظر من جانب بعض الأطراف لرضا بهلوي، نجل شاه إيران المخلوع، والسعي لتصويره على أنه الأمل المرتجى لإيران ما بعد النظام الحالي، لها قطعاً علاقة قوية بهذا الترويج الذي يحمل في داخله الكثير من علامات الاستفهام.
من أهم تلك التطورات التي تتزامن مع عملية الترويج المشبوهة هذه، أن علي خامنئي، وبعد عمليات التجميل المختلفة للنظام وكل تلك الحملات الدعائية التي حرص عليها النظام من أجل ذر الرماد في العيون، ولا سيما بعد الإتيان بمسعود بزشكيان رئيساً للجمهورية، لم يحقق أي شيء مما كان النظام يسعى ويطمح إليه. والأسوأ من ذلك، أن الأوضاع ازدادت سوءاً، والتحذيرات من داخل النظام على لسان خبراء ومسؤولين تصاعدت أكثر من أي وقت مضى من احتمال حدوث أعمال “عبث وفوضى”، أي الانتفاضة كما يسمى في قاموس النظام، وهو ما يؤكد أن الأجواء السائدة قد تسهم في اندلاع الانتفاضة ضد النظام إذا استمرت على حالها.
التطور الثاني اللافت للنظر هو تسجيل 147 عملية إعدام خلال ثلاثين يوماً، وهو عدد غير مسبوق في السنوات الماضية، بما في ذلك فترة رئاسة إبراهيم رئيسي، جلاد مجزرة صیف عام 1988. هذا المؤشر يؤكد أنَّ الرفض الشعبي للنظام متزايد بصورة غير عادية، ولذلك يبادر النظام بتنفيذ هذا العدد الكبير من الإعدامات خلال شهر واحد، بهدف خلق أجواء خوف ورعب لحثّ الشعب على الابتعاد عن أي نشاطات معادية محتملة للنظام والخوف من بطشه وجبروته. لكن من الملاحظ أن الممارسات القمعية لم تتمكن يوماً من إخافة الشعب وثنيه عن مواجهة النظام، والدليل هو استمرار الانتفاضات حتى في أكثر الفترات التي شهدت ممارسات قمعية وتنفيذ أحكام إعدامات.
التطور الثالث والذي له مدلولاته الاعتبارية، هو الحديث عن طرح المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كبديل للنظام الإيراني، والذي تم التركيز عليه بصورة مكثفة خلال الأشهر الأخيرة. كما أن برنامج مريم رجوي المكون من عشر نقاط، والذي حظي بدعم 34 أغلبية في المجالس التشريعية، و510 شخصيات سياسية بارزة، و137 من قادة العالم السابقين، إضافة إلى 79 من الحائزين على جائزة نوبل، قد أكد بصورة أو أخرى أن البديل الواقعي الذي يحمل كل المواصفات اللازمة لتولي زمام الأمور في إيران بعد هذا النظام هو هذا المجلس. هذا الأمر أثار غضب بعض الأطراف لأسباب مختلفة، ودفعهم للتآمر والسعي لطرح بديل وهمي مختلق لا يمتلك أي جذور أو رصيد شعبي داخل إيران.
هذا الترويج المشبوه لنجل الشاه المخلوع، مع كل السلبيات التي يحفل بها، يعد إضافة إلى ذلك خدمة مجانية يتم تقديمها للنظام الإيراني، إذ أن الشعب الإيراني لا يمكن أبداً أن يوافق على بديل سبق أن رفض والده وطرده من إيران. كما أن هذا الترويج المشبوه لا يمكنه أيضاً تغيير واقع الأمر القائم في إيران والمسار الذي تتجه إليه الأوضاع لصالح الشعب والمقاومة الإيرانية.