معظم موارد البلاد تذهب إلى التسليح عوض المشاريع التنموية
ایلاف – ضياء قدور:
يواجه النظام الإيراني تحذيرات متزايدة من المطلعين والمؤيدين الذين يخشون أن البلاد تتجه نحو الكارثة. وتعرب هذه الأصوات، التي كان الكثير منها موالياً للنظام في السابق، عن قلقها إزاء عزلة إيران الدولية المتزايدة، والوضع الاقتصادي المتدهور، وتزايد احتمالات الانتفاضات المحلية. ويحذرون المرشد الأعلى للنظام، علي خامنئي، من أن البلاد قد لا تكون قادرة على تحمل عواقب سياساتها الحالية.
أمة في أزمة
أصدر علي صالح آبادي، صاحب صحيفة “ستاره صبح” اليومية التي تديرها الدولة، تذكيراً صارخاً لخامنئي في 14 أيلول (سبتمبر). في انتقاده، سلط صالح آبادي الضوء على الوضع الاقتصادي المتدهور، مشيراً إلى أنَّ الوضع المالي للبلاد أصبح الآن أكثر خطورة من أي وقت مضى. وأشار أيضاً إلى أنه، على عكس العراق، تواصل إيران تقييد الوصول إلى الإنترنت من خلال التصفية الثقيلة، بينما تعاني في الوقت نفسه من عقوبات دولية شديدة بسبب دعمها لحرب غزة.
وشدد صالح آبادي على أن الشعب الإيراني يعارض بشكل متزايد النظام وأفعاله. كما انتقد الطبقة السياسية في النظام لفشلها في إدراك التحولات التي تحدث في الشرق الأوسط والعالم وداخل إيران نفسها. وحذر خامنئي من تكرار أخطاء الماضي، في إشارة إلى اللحظة التاريخية عندما اضطر مؤسس النظام، روح الله الخميني، تحت ضغط هائل، إلى قبول وقف إطلاق النار في الحرب الإيرانية العراقية، وهو العمل الذي وصفه الخميني بأنه “الشرب من كأس مسمومة”.
وحذر صالح آبادي قائلاً: “لا تشعلوا لهيب حرب مدمرة”، وحث النظام على ممارسة ضبط النفس. “الوضع حرج”.
تحذيرات من داخل النظام
مع تعيين رئيس النظام الجديد مسعود بزشكيان، الذي كان من المتوقع أن يقدم وجهاً أكثر اعتدالاً ويدعو إلى التضامن الوطني، ازدادت الظروف الاقتصادية والمعيشية في البلاد سوءاً. ويحذر العديد من المطلعين على بواطن الأمور خامنئي من أن سياساته الخطيرة – مثل رفع أسعار الخبز، الأمر الذي أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار منتجات الألبان والوقود – تدفع البلاد إلى حافة الانهيار.
وقد رددت صحيفة “تجارت نيوز” اليومية التي تديرها الدولة هذه المخاوف في عددها الصادر في 14 أيلول (سبتمبر)، قائلة: “إذا أردنا أن يحدث تغيير إيجابي، فيجب علينا تعديل استراتيجيتنا وتكتيكاتنا”.
وشدد المقال على أن التغيير الاستراتيجي يتضمن إعادة بناء علاقات إيران مع المجتمع الدولي. وقيل إن إيران تواجه أزمات كبيرة في قطاعات مثل الطاقة والنفط والغاز والبنية التحتية والنقل. وشددت الصحيفة على أن النمو الاقتصادي يعتمد على الاستثمار الأجنبي، وهو مورد قام النظام بالحد منه بشدة من خلال سياسته الخارجية.
اليأس الاقتصادي
وقد تم التأكيد على المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد من قبل خبراء مثل داود سوري، الذي انتقد طلب الرئيس بزشكيان الأخير الحصول على 200 مليار دولار لحل الأزمة الاقتصادية. ورفض سوري الطلب ووصفه بأنه غير واقعي، مشيراً إلى أن إيران أهدرت بالفعل أكثر من هذا المبلغ بينما أصبحت محاصرة في دوامة من المشاكل المعقدة. وحذر من أنه حتى لو تم تأمين الأموال، فإنها لن تفعل الكثير لتوليد النمو الاقتصادي المستدام دون إصلاحات هيكلية وسياسية عميقة.
وحذر سوري من أن “القضية الرئيسية تصبح أكثر خطورة عندما ندرك أن بزشكيان يعتمد على نفس المسؤولين الفاسدين الذين استفادوا من النظام الحالي”.
كارثة طاقة تلوح في الأفق
علامة أخرى على الأزمة المتفاقمة في إيران هي النقص المستمر في الطاقة الذي ابتليت به البلاد. وقد حذر رئيس مجلس إدارة جمعية محطات الطاقة الإيرانية مؤخراً من أنه إذا استمر المسار الحالي، فإن إيران سوف تواجه عجزاً لا يقل عن 26 ألف ميجاوات من الكهرباء بحلول صيف عام 2025. ومن أجل الحفاظ على وضع الطاقة الحالي، فإن البلاد تحتاج إلى تمويل يتراوح بين 900 مليون إلى مليار دولار، وهو مبلغ لا يزال بعيد المنال.
وحتى لو تم تأمين الأموال، فسيظل هناك نقص بنحو 20 ألف ميجاوات، مما يجعل الحكومة غير قادرة على تلبية ثلث الطلب على الكهرباء في البلاد. وفي الوقت نفسه، تدين الحكومة بمبلغ 90 تريليون تومان لمشغلي محطات الطاقة، الذين يكافحون بالفعل من أجل صيانة مرافقهم. وفي غياب التدخل الفوري، فإن هذه الأزمة سوف تتفاقم سوءاً، الأمر الذي سيؤدي إلى تفاقم الاستياء العام.
التوتر المتزايد
كما أعرب مسعود نيلي، وهو خبير اقتصادي إيراني بارز، عن مخاوف جدية بشأن مستقبل البلاد. وحذر نيلي من أن الاستياء العام وصل إلى نقطة حرجة، وأن الموارد المحدودة للنظام تركته في حالة مواجهة سلبية مع شعبه. وأشار إلى الفجوات بين الأجيال والفساد المستشري كعوامل رئيسية تؤدي إلى تآكل رأس المال الاجتماعي للنظام. وحذر نيلي من أنه بدون إصلاحات جادة، فإن أي تحسينات اقتصادية ستكون مؤقتة في أحسن الأحوال. وحذر قائلاً: “إذا قمنا بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية دون معالجة العلاقات الخارجية والاجتماعية، فسنجد أنفسنا مرة أخرى في نفس الموقف في غضون سنوات قليلة”.
الخاتمة: النظام على مفترق الطرق
ترسم هذه التحذيرات المتزايدة من المطلعين والخبراء والمؤيدين صورة قاتمة لمستقبل إيران. وكان فشل النظام في التكيف مع الحقائق المحلية والدولية المتغيرة سبباً في دفع البلاد إلى حافة الهاوية. لقد اجتمع اليأس الاقتصادي، والعزلة الدولية، والسخط العام المتزايد لخلق وضع متقلب قد يتفجر قريباً ويتحول إلى اضطرابات واسعة النطاق.