الرئيس الإيراني مسعود بزشكيانإصلاح؟ ما باليد حيلة
میدل ایست اونلاین – منی سالم الجبوري:
لا يستطيع مسعود بزشكيان أن يتحدى أي من قرارات السلطة رغم الكاريزما التي يدعيها.
لم يعد هناك من مجال كي يقوم النظام الايراني بالتغطية على أوضاعه السيئة والتي تزداد سوءا عاما بعد عام ولاسيما بعد أن لم يتمكن الرئيس السابق ابراهيم رئيسي من إحداث أي تغيير كما كان خامنئي يتأمل من وراء هندسة وصوله للرئاسة وجاء مصرعه ليضع النظام عموما وخامنئي بشكل خاص أمام وضع وموقف لا يحسدان عليه أبدا ولاسيما بعد أن صار واضحا من أنه قد ترك أثقل أرث لمن يخلفه.
منذ الايام الاولى لإعلان فوز مسعود بزشكيان والتناقضات التي رافقت تشكيله لحكومته ونيل الثقة من برلمان النظام وثبوت علاقته الوطيدة بالولي الفقيه ومن إن الاخير هو من يوجهه ويرسم له الخطوط العريضة لسياساته، فإن الذي يمكن إستخلاصه وفهمه من ذلك، هو إن بزشكيان وحكومته ما هما إلا بمثابة إمتداد لإبراهيم رئيسي وحكومته وإن خامنئي ومن وراء الستار يريد أن يشرف بنفسه وبطريقة غير مباشرة على إكمال المشوار الذي كان قد شرع به الرئيس السابق رئيسي ولم يتمكن من تكملته لمصرعه.
المثير والملفت للنظر كثيرا، إنه وبعد أشهر من الوعود، ظهر الرئيس الموصوف بأنه مخلص تماما للنظام أخيرا في مؤتمر صحفي، ومع ذلك، فقد كان هذا المؤتمر بعيدا كل البعد عن المؤتمرات الصحفية التقليدية للرؤساء الايرانيين، إذ تم اختيار الصحفيين الحاضرين بعناية فائقة، واجتازوا العديد من الفحوصات الأمنية، وفقا لبروتوكول النظام المعتاد لمثل هذه التجمعات، مما أعطى إنطباعا بأن هناك أكثر من دلالة يدعو للشك والارتياب.
هذا المؤتمر، لم يتعرض للإنتقاد من جانب الفصائل المعارضة للفصيل المهيمن على النظام فقط، بل وحتى إن منصور حقيقت بور عضو الفصيل المهيمن ونائب سابق في البرلمان الايراني قد إنتقده وقال “يبدو أن الرئيس يجب أن يستخدم لغة رفيعة ليحافظ على الكاريزما المطلوبة للرئيس. تذكروا أن الرئيس يجب أن يختلف عن ممثل البرلمان. هذا يظهر أنه لا ينبغي له استخدام نفس اللغة التي استخدمها في دائرته الانتخابية وفي مجلس في هذا المنصب.” وبنفس السياق فقد علقت صحيفة جمهوري الحكومية على الإشارات المتكررة والمخادعة لبزشكيان الى “نهج البلاغة” وهو مجموعة من الخطب والأقوال المنسوبة للإمام علي ابن ابي طالب قائلة “من شخص تعهد باتباع زعيم المؤمنين خلال حملات الانتخابات الرئاسية ومناظراته مع منافسيه، لا يزال يعد إلى يومنا هذا. وبينما لم يحد عن كلماته، لا يوجد أي مؤشر على تحقيق تلك الوعود في حياة الناس وفي المجال الاقتصادي.”
الاكثر إثارة للسخرية والتهكم، إن بزشكيان الذي كان البعض ينتظر منه تحسين أوضاع النساء ومنع شرطة الاخلاق من إنتهاك حرياته فق أظهر بكل وضوح إنه لا يريد ولا يستطيع منع شرطة الأخلاق من انتهاك حريات النساء الإيرانيات، ولا يستطيع إلغاء الحجاب الإجباري. وأوضح أنه لا يرغب ولا يمتلك القدرة على إطلاق سراح السجناء السياسيين أو فتح سجون النظام أمام بعثات تقصي الحقائق الدولية.
كما كشف أيضا وبنفس السياق عن عدم قدرته وعدم رغبته في إلغاء عقوبة الإعدام والعقوبات اللاإنسانية الأخرى مثل الجلد وقطع الأطراف وسمل العيون. ففترته القصيرة شهدت زيادة في عمليات الإعدام، مما يناقض أي فكرة عن الإصلاح.
والسؤال الذي لابد من طرحه والبحث عن إجابة واضح المعالم له هو: إذا ما كان خامنئي قد قام بتمهيد الطريق لبزشكيان ويقوم بتوجيهه من خلف الستار مستفيدا من كونه محسوبا في الظاهر على جناح الاصلاحي، لكن ما يقوم به ويسعى إليه لا يختلف عن ذاك الذي كان يقوم ويسعى إليه سلفه رئيسي شروى نقير، فما هي القيمة والمعنى الاعتباري الذي بقي لمنصب الرئيس في النظام الايراني؟