ایلاف – د. محمد الموسوي:
صواريخ تنطلق من غزة إلى إسرائيل يوم السابع من أكتوبر 2023
لم يستطيعوا الرد على ما تعرضوا له من هجمات مهينة في العراق، وأكثر منها في سوريا، ويقول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ما معناه “كلما أوسعناهم ضرباً اتصلوا ليقولوا ‘اسمحوا لنا أن نقصفكم بعدة صواريخ، لكن لا تقلقوا، فلن تصيبكم بضرر’، وكنا نوافق؛ لقد ضربناهم بقوة وبالتالي هذه مسألة كرامة، ثم يقصفون وتسقط الصواريخ خارج القاعدة، وبعضها نُسقطه في الجو وبعضها يسقط في الجوار!”. أمَّا المقصود بالجوار فعراقيين متواجدين بالقاعدة، ثم يأتي الملالي لإنقاذ ماء وجوههم ويقولون غير صحيح إنه كاذب، والحقيقة إن ترامب صادق، فجميع الهجمات تبدو كأنها مُتفقٌ عليها أو أنها صواريخ خجولة رحيمة لطيفة؛ وقد حملهم التواطؤ مع الغرب على الغدر بغزة وإنكار أنهم من يقف وراء عملية طوفان الأقصى، دون التحلي بشجاعةٍ وتحمل مسؤولية ما يجري من أحداث… وماذا يُنتظر منهم، إنهم الملالي!
سُحِقت غزة وفقاً لمخططات ملالي طهران ونيابة عنهم، وعملية طوفان الأقصى من الألف إلى الياء هي عملية لحرس الملالي الذي خطط للعملية ووضع اسمها ورسمها ولم يكترث بعواقبها، فمن سيُسحق في هذه المعركة هم الفلسطينيون أنفسهم، وبحسب تصريحات كمال خرازي وزير الخارجية الأسبق ورئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية للنظام، والذي كان يُنكِر على العراق سيادته بعدما استولوا عليه بعد عام 2003، وهو معروف بسلوكياته المُفَرغة: “اعتاد الفلسطينيون على حياة مصحوبة بالمجازر والجرائم، ولذلك هم مستعدون لدفع هذه التكاليف مقابل تحقيق نصر استراتيجي”، وكذلك اعترافات المُلا سعيدي رئيس المكتب السياسي العقائدي لولي الفقيه يوم السبت 18 تشرين الثاني (نوفمبر) في خطاب بثته قناة باران التلفزيونية الحكومية، وكذلك قول المُلا إسماعيل خطيب وزير مخابرات نظام الملالي: “إن هدف النظام من أثارة الحرب في المنطقة هو عرقلة انتفاضة الشعب الإيراني وقمع الاحتجاجات وفرض هيمنة النظام على دول المنطقة”. (وكالة ميزان للأنباء: 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2023). وأما أحمد قديري إبيانه، خبير نظام الملالي للشؤون السياسية والأمنية ، فقد قال عبر تلفزيون أُفق الرسمي في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 2023: “إن عملية طوفان الأقصى كانت مساعدات غيبية لأنها أوقفت تكرار انتفاضة 2022، وكانت هذه مساهمة غيبية ولصالح إيران تماماً”، وأما خطباء صلاة الجمعة الاستعراضية من ممثلي الولي الفقيه وهم أشبه بدوائر توجيه معنوي فيقولون “إذا لم نواجه الصهاينة اليوم على حدودهم فإنهم غداً سيدخلون بيوتنا”.
ثم يأتي محمد جواد ظريف الذي يُفترض به كدبلوماسي أن ينتقي المفردة أو أن يصمت لأنه أكثر العارفين بأنشطة أجهزة نظامه في الخارج من خلال وزارته السابقة، ولا بد من أنه يتذكر قضية أحد دبلوماسييه في النمسا (الدبلوماسي أسد الله أسدي) ونقله لقنبلة نوعية على متن طائرة من طهران إلى أوروبا، وإدارته لخلية إرهابية في أوروبا ثم إدانته وخليته ومحاكمتهم في بلجيكا..؛ يأتي ليمن على حماس بدعمٍ أنكره على غزة. يقول محمد جواد ظريف في حديث غير ظريف، وبعدما يشيد بامتناع خامنئي وحسن نصر الله عن المشاركة في مواجهة حرب العدوان على غزة: “إن دعمنا لحماس لا يشمل الحرب بجانبها”؛ ونسأله ونظامه هل تدعمون القضية الفلسطينية؟ بالطبع “لا”. هل تدعمون منظمة التحرير؟ بالطبع “لا”. هل تكرهون منظمة التحرير؟ بالطبع “نعم”. إذن لا تُمنوا على أحد فأنتم لا تؤمنون بالتراحم ولم ترحموا شعبكم ولا تحترمون شعاراتكم وادعاءاتكم حتى المذهبية الطائفية منها؛ فكيف ستدعمون حماس سُنية المذهب من دون مقابل؛ وكذلك لا يُعول عليكم، وأنتم كما يقول المثل العراقي “لا تبولون على يد مجروح”، وعذراً من القارئ الكريم على هذا المثل لكن هذه هي الحقيقة، وتُهلكون غزة وأهلها ثم تختبأون وتصفون ذلك بالذكاء، ثم تحتفلون بخراب غزة وتشريد أهلها ونكبتهم وتعتبرون ذلك نصراً، ولتساوموا الغرب وتبتزونه بتصريحاتكم واستعراضاتكم التي تلت الأربعين يوماً الأولى من حرب العدوان على غزة.
يصف ظريف موقف نصر الله وخامنئي بالموقف الذكي، بينما نصفه نحن الذين نراعي الأخلاق والقيم في حياتنا بالموقف الجبان المخادع. فالعرب على سبيل المثال لم يدفعوا أهل غزة إلى التهلكة ولم يغرروا بهم، ولم يعدوهم بشيء ولم يمنوا عليهم بشيء إذا دعموهم. والأهم من هذا كله يحترم العرب قيم الجوار والعهود ولم يعملوا على شق الصف الوطني الفلسطيني والمتاجرة بالقضية الفلسطينية ودعم جهة لتعلن العصيان على أخرى ولم يطلبوا من أحد القتال نيابة عنهم كما فعل ملالي طهران كعادتهم مع حماس، بعد أن غرر الملالي بحماس ووعدوهم نقضوا العهد وجعلوا غزة وأهلها كباش محرقة لنواياهم. واليوم يتكلم الملالي عما تتعرض له الضفة الغربية على لسان وزير خارجيتهم الحالي وكأنما الضفة الغربية تعنيهم بعد ذلك العداء الطويل لمنظمة التحرير وتنكيلهم بالفلسطينيين في العراق.
أما موقف الشعب الإيراني الذي جرب ويلات الحروب والحصار والإدارة الفاسدة والسلطة القمعية وقتل الأطفال والنساء فهو ضد معاناة الشعب الفلسطيني وضد آلام أهل غزة وما يحدث لهم من جانب المغرر الغادر بهم أو من جانب المحتل الغاشم، لكن الشعب الإيراني في وادي وسلطان الولي الفقيه في وادٍ آخر ولا يكترث الأخير بشعبه ويرفض الشعب النظام وكافة سياساته الداخلية ومخططاته العدوانية في الخارج.