نظرة شاملة على أزمة الفساد في إيران
موقع المجلس:
مع کل ما یتم الحدیث عن الفساد المالي في نظام المالي و لکن تظل بعض الحالات مخفية بسبب وقوعها في مؤسسات تتعلق بمكتب المرشد الأعلى علي خامنئي، والشركات التي تخضع لإشرافه المباشر. وبالتالي، لا يمتلك أي فرد أو مؤسسة القدرة على التحقيق في هذه الحالات. لذلك، من الضروري الاعتراف بأن حالات الفساد مثل فضيحة الشاي “ديبش” ليست بالضرورة هي الحالات الأكثر أهمية ضمن هذا النظام.
تتفق التصريحات المتكررة مع تأكيدات خبراء الاقتصاد والسياسة داخل النظام على أن الفساد في إيران ليس حادثًا ولكنه جزء مخطط من نظامها السياسي. ووفقًا لأبولفضل دلاوري، أستاذ في جامعة علامه، تمتد جذور الفساد وراء الثغرات القانونية المصممة لتفادي اللوائح من قبل الأفراد الفاسدين.
و في مناقشة حول الفساد الاقتصادي العميق الجذور داخل النظام الإيراني، أكد حشمت الله فلاحتپیشه، العضو السابق في لجنة الأمن في البرلمان، على التردد المثير للقلق لحالات الفساد الكبيرة التي تظهر بشكل شهري.
أكد فلاحتپیشه على مدى هائل للفساد الاقتصادي في إيران، حيث قدره بأكثر من 57 مليار دولار. ولتوضيح هذا الرقم، لفت الانتباه إلى أنه يتساوى مع مبلغ القرض الكامل الذي حصلت عليه كوريا الجنوبية من صندوق النقد الدولي، مما جعلها تصعد إلى قائمة أكبر 10 اقتصادات في العالم.
ربط فلاحتپیشه بين الارتفاع في حالات الفساد الاقتصادي بشكل كبير وتآكل مبدأ الاستحقاق في السلطات الثلاثة للحكومة. وأشار إلى فضيحة فساد الشاي “ديبش” المكشوفة حديثًا كدليل على تشغيل المسؤولين خارج نطاق الرقابة والتفتيش، مما يسهم في إيجاد منصة ملائمة للفساد.
وانتقد السلطات لتجاهلها للقضايا النظامية، حيث أكد أن إنكار العيوب في الحالة الحالية سيؤدي فقط إلى تفاقم المشكلات، مما يقود البلاد إلى دورة تدميرية تعيق التنمية.
وفحصاً لاستجابة البرلمان السلبية لفضيحة فساد الشاي “ديبش”، حذر فلاحتپیشه من تشكيل نخبة سياسية داخل النظام. وأعرب عن قلقه من أن هذه النخبة، عند تجاوزها للمؤسسات البرلمانية والرقابية، تعزز الصلة بين السلطة والثروة، مما يزيد من الفساد.
يُرجى ملاحظة أن الرقم البالغ 57 مليار دولار الذي ذكره فلاحتپیشه على الأرجح تقدير مستحق، في ظل التقارير من بعض وسائل الإعلام الإيرانية التي أفصحت عن 12 حالة كبيرة للفساد الاقتصادي من عام 2010 إلى عام 2022، بإجمالي قدره 94 مليار دولار.
تشمل الحالات الملحوظة الفساد المصرفي الذي يعزى إلى مهافريد خسروي والمجموعة المعروفة باسم “آريا” في عام 2011 بقيمة 3 تريليون تومان ما يعادل 1.7 مليار دولار؛ قضية فساد استيراد دقيق فول الصويا بقيمة 700 مليون دولار؛ مجموعة الانتهاكات المالية والفساد الاقتصادي لبابك زنجاني بإجمالي 8 تريليون تومان ما يعادل 2.3 مليار دولار؛ وحيد مظلومين في قضية الفساد المعروفة باسم “سلطان العملات” بمبلغ 14 تريليون تومان ما يعادل ما يقرب من مليار دولار؛ مجموعة من حالات الفساد المكشوفة المتعلقة ببنك تات بمبلغ خيالي قدره 5.3 مليار دولار؛ مجموعة من حالات الفساد والانتهاكات للمتهمين في قضية الاختلاس المتعلقة بشراء الدولار الأمريكي بسعر الحكومة البالغ 4200 تومان للدولار بإجمالي 4 مليارات دولار؛ سلسلة حالات الفساد لمديري شركات البتروكيماويات، حيث بلغت انتهاكاتهم الإجمالية 11 مليار دولار في عام 2019؛ قضية مجموعة قطع غيار السيارات “اعظم” بـ 764مليون دولار، وأخيرًا قضية الشاي “ديبش” التي تم الكشف عنها مؤخرًا بمبلغ 3.37 مليار دولار.
يبلغ هذا الإجمال المذهل مبلغًا لا يمكن تصوره قدره 5 تريليون تومان، ما يعادل 94.37 مليار دولار، عند النظر إلى سعر الصرف البالغ 53,000 تومان للدولار.
ومع ذلك، يتعين الاعتراف بأن هذا الرقم يمثل فقط جزءًا صغيرًا من حالات الفساد التي تم الكشف عنها داخل الهيكل الاقتصادي للنظام على مدى السنوات الـ12 الماضية، حيث تظل العديد منها مخفية في الطبقات المعقدة لمؤسسات الأمانة والجيش والهيكل التنفيذي للنظام.
على الرغم من أنه يتظاهر بأنه معارض حميم للفساد بين مسؤولي البلاد، إلا أن خامنئي، الذي يدفعه القلق إزاء ردود الفعل العامة واحتمالات الاحتجاجات المحتملة، وجد نفسه مضطرًا في عدة مناسبات في السنوات الأخيرة إلى حث وضغط مسؤولي النظام على عدم استنتاج هذه القضايا بسرعة، بهدف منع تعرضها للمزيد من الإعلان.