صوت کوردستان- محمد حسين المياحي:
عندما شرع النظام الايراني بمسرحية الاعتدال والاصلاح، فإنه جاء من أجل إمتصاص مشاعر الغضب والسخط الشعبي على الاوضاع وخصوصا وإنها جاءت بعد فشل النظام فشلا ذريعا في تحقيق وعوده المعسولة التي قطعها على نفسه ولکن لأنه کان يعرف جيدا بأن تلك المسرحية لوحدها قد لاتفي بالغرض ولن تتمکن من التغطية على کذبه وخداعه فإنه لجأ الى لعبة أخرى من خلال إعلانه لوثيقة رؤية إيران لمدة 20 عاما، والتي قام خامنئي بتسليمها في عام 2003، إلى محمد خاتمي”الرئيس آنذاك”، وبعد ذلك، مرر خاتمي الوثيقة إلى خلفائه، وبلغت ذروتها في الوقت الحاضر.
هذه الوثيقة وکما يستشف ويستخلص منها، قد حددت الرؤية المستقبلية لإيران وأهدافها الطموحة ، حيث تطمح إلى الظهور كقوة اقتصادية وعلمية وتكنولوجية أولى في المنطقة بحلول عام 2025. ومع ذلك، وعلى الرغم من تأكيدات النظام، فقد وجدت إيران نفسها في أسفل المؤشرات الإنسانية والاجتماعية العالمية. ولا تتفوق إلا في مجالات الاستبداد والقمع والتحريض على الصراع في الدول ذات الأغلبية المسلمة.
الملفت للنظر هنا والذي يجب أخذه بنظر الاعتبار والملاحظة، هو إنه وعلى مر السنين، قامت أربع إدارات تحت تأثير خامنئي باستغلال موارد البلاد وإساءة إدارتها، مما أدى إلى إدامة الكوارث والالتزام بخطة الرؤية المحددة. إن مخصصات الميزانية، التي يزعم أنها تهدف إلى إفادة الشعب، قد خدمت في المقام الأول مصالح النخبة الحاكمة الراسخة في مختلف القطاعات الاقتصادية. لکن الاهم من ذلك کله إن الفساد الذي إستشرى في جميع مفاصل النظام أثبت للشعب الجوهر والمعدن الردئ لقادة النظام ومسٶوليه وکذب وزيف مزاعمهم بشأن وضع مصالح الشعب ومستقبل أجياله بنظر الاعتبار، إذ أن عاما بعد عام سارت وتسير الاوضاع من سئ الى أسوء.
الذي يفضح النظام ويکشف ممارسته للکذب والخداع في مزاعمه إن الوعود بالأمن الغذائي والرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية والرخاء والتوزيع العادل للدخل وتكافؤ الفرص والقضاء على الفقر وتوفير فرص العمل المستقرة والبيئة المواتية لم تتحقق بعد. وكما اعترفت صحيفة “هم ميهن” اليومية، فإن إيران لم تفشل في تأمين موقعها المتصور كقوة إقليمية فحسب، بل تراجعت لتحتل مرتبة بين الدول الأقل نموا. کما إنه وتزامنا مع ذلك فقد جرى التباهي بإحصائيات مضللة، مما أدى إلى إخفاء الحقائق القاسية التي يواجهها الملايين الذين يعيشون تحت خط الفقر، والأطفال العاملين، والأفراد المتعلمين الذين يعانون من البطالة.
مايجدر بملاحظته جيدا والتمعن فيه بدقة لمعرفة الى أي حد قد وصل ممارسة هذا النظام للکذب والخداع والتضليل، إنه وفي السباق العالمي من أجل رفاهية وحرية مواطنيه، يحتل النظام الإيراني باستمرار المرتبة الأخيرة عبر مؤشرات مختلفة. ووفقا لمؤشر ليجاتوم للرخاء، تحتل إيران المرتبة 126 من بين 167 دولة. وتعكس أعمدة محددة حقائق أكثر كآبة: المرتبة 162 في الظروف التنظيمية، والمرتبة 165 في الحريات الشخصية، والمرتبة 146 في الحكم.
وفيما يتعلق بمقياس مهم آخر حول حالة نفقات الاسرة والدخل، يكشف مركز الإحصاء الإيراني عن اتجاه مثير للقلق حيث ارتفعت حصة الإنفاق على الاحتياجات الأساسية مثل السكن والغذاء، في حين تضاءلت مخصصات الصحة والترفيه والتعليم والملابس.
وتؤكد مراجعة مؤشر ليجاتوم للرخاء على مدى السنوات الخمس الماضية على تفاقم الفقر والبؤس في إيران، وهو ما يتناقض بشكل صارخ مع خطة خامنئي ما توصف بالحكيمة. وتشير صحيفة “تجارت فردا” اليومية إلى تراجع إيران إلى مرتبة الرفاهية التي كانت تتمتع بها قبل عقد من الزمن، حيث احتلت المرتبة 119 بانخفاض مركزين عن العام السابق.
ويظهر المزيد من خيبة الأمل في مؤشر الحكم الشعبي، مما يشير إلى تدهور جودة الحكم على مدى العقد الماضي، وتراجعه إلى المركز 138. والحرية الفردية، التي تحتل المرتبة 163، تضع إيران إلى جانب الدول التي تواجه تحديات خطيرة مثل اليمن، وإريتريا، والسودان، وسوريا، وجنوب السودان فقط المركز الأدنى على الطاولة.