حدیث العالم – منى سالم الجبوري:
من يراجع الاوضاع في إيران في ظل نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، يجد نفسه أمام کمية هائلة جدا من الاحداث والتطورات المختلفة ولکن أهمها وأکثرها لفتا للنظر، هو موقف الشارع الايراني مع هذا النظام، إذ ظهر واضحا ومنذ البداية إن هناك تعارضا وتضادا بين الشعب والنظام، والذي ومع مرور الاعوام صار يتوضح أکثر حتى وصل الى حد القطيعة وإستحالة الاستمرار في العلاقة بينهما.
الموقف من هذا النظام من حيث کونه غير مناسب للشعب الايراني وإنه لايعبر عنه أبدا، هو ذلك الموقف الذي جسدته منظمة مجاهدي خلق الایرانیة في بداية تأسيس هذا النظام عندما أدرکت جنوحه للديکتاتورية ورفض الآخر وإستخدام القمع کوسيلة وأسلوب للتعامل مع کل رافض أو مختلف معه، بل وإن منظمة مجاهدي خلق کانت دقيقة جدا في وصفها لهذا النظام عندما قالت إنه قد إستبدل التاج بالعمامة، ولم تمر فترة طويلة حتى توضحت الصورة تماما وکشف النظام عن وجهه الحقيقي ووضع جانبا ذلك القناع الذي يغطي وجهه، وقد کان موقفه الدموي وبالغ القسوة من منظمة مجاهدي خلق أکبر وأوضح مقياس لکشف وفضح هذا النظام خصوصا عندما بادر الى تنفيذ أحکام الاعدام في 30 ألف سجينا سياسيا من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق على الرغم من إنهم کانوا يقضون فترة محکومياتهم طبقا لأحکام صادرة من محاکم النظام نفسه!
الاحتجاجات والاضرابات ومظاهر الرفض الاخرى المتصاعدة ضد هذا النظام عاما بعد عام والتي وصلت الى ذروتها في إنتفاضة 16 سبتمبر2022، التي دعت وبصراحة واضحة جدا ولالبس عليها الى إسقاط النظام ورفضه جملة وتفصيلا، وبذلك فقد قطعت الطريق على النظام وألاعيبه، رغم إن الضربة الاعنف التي تلقاها النظام من هذه الانتفاضة التي لازالت آثارها وتداعياتها باقية على النظام ولاسيما وإن ذکراها السنوية الاولى على الابواب، هي إنها بدور رائد لمنظمة مجاهدي خلق التي عمل النظام المستحيل من أجل القضاء عليها وإيجاد عازل وفاصل بينها وبين الشعب الايراني، ولکن هذه الانتفاضة ومئات المواقف الاخرى المختلفة، أثبتت عمق العلاقة قوتها المتناهية بين الشعب الايراني وهذه المنظمة التي أثبتت إنهما بمثابة القلب النابض للشعب الايراني، ولذلك فإنه وفي ظل الظروف والاوضاع الراهنة التي توحي کلها بأن النظام يمر بواحد من أصعب مراحله وهو يعمل المستحيل من أجل الخروج من هذه المرحلة بسلام
الملفت للنظر هنا إن النظام يعمل جاهدا لإظهار نفسه بموقف القوي المقتدر کي يزرع الخوف والتردد بين أوساط الشعب کي لاينتفضوا بوجهه، ولکن وکما خاب ظنه سابقا فإن ظنه هذه المرة سيخيب حتما.