عبدالرحمن كوركي مهابادي:
في مطلع الشهر التاسع من انتفاضة الشعب الإيراني الأخيرة رأت الدكتاتورية الحاكمة لإيران أن بقاءها يكمن في التشدد بإعدام الشباب الإيراني! ذلك لأنه أصبح ضعيفاً بل وفي أضعف نقطة لبقائه، ويمارس هذا النظام الإعدامات لكي يتمكن من البقاء واقفاً على قدميه أجل، ويعلمون أن الشعب الإيران لا يريد هذا النظام وقد وطأت قدماه طريق الإطاحة بالنظام وقد عقد العزم مصمماً على الإطاحة بدكتاتورية ولاية الفقيه!
أقدمت سلطة الجلادين القضائية صبيحة يوم في الجمعة 19 مايو 2023 بأمر من خامنئي وعلى الرغم من الاحتجاجات المحلية والدولية الواسعة على إجراء إجرامي حيث أعدمت ثلاثة من سجناء الانتفاضة وهم : صالح ميرهاشمي (36 عاماً) ومجيد كاظمي (30 عاماً). ) وسعيد يعقوبي (37 عاماً) بعد أشهر من التعذيب الجسدي والنفسي بتهمة من صنع الملالي وهي تهمة (المحاربة) وكانت الفاشية الدينية الحاكمة قد ذكرت مبررة هذه الإعدامات بسبب مهلك عدداً من عناصر القوى القمعية أثناء أحداث انتفاضة الشعب في أصفهان في شهر نوفمبر الماضي!
واستناداً إلى الأخبار والمعلومات المنشورة فقد أعدم النظام الحاكم أكثر من 112 شخصاً في الشهر الثاني من العام الإيراني الجديد، وقد كان “الإعدام” طيلة فترة حكم الدكتاتورية الدينية المتسلطة على إيران جزءاً لا يتجزأ من بقاء ووجود هذا النظام حتى اليوم، وبحسب خبراء في الشؤون الإيرانية فإن هذا النظام سيسقط على الفور بمجرد التخلى جانباً “ليوم واحد فقط” عن الإعدام والتعذيب والقمع، ذلك لأن قمع الشعب من قبل الحكومة واحتجاجات الشعب ضد الحكومة قد بلغ ذروته، ويسري هذا القمع في جميع الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ويعيش ما يقرب من نصف المجتمع الإيراني تحت خط الفقر، وقُتِل أكثر من 120 ألف شخص من أبناء الشعب الإيراني على يد هذه الحكومة، ولا توجد عائلة في إيران في مأمن من ظلم هذا النظام!
من ناحية أخرى هناك “مقاومة متأصلة” ضد هذا النظام بقيادة السيدة مريم رجوي، ومعارضون أصيلون للنظام الحاكم يديمون مسيرة النضال من أجل إسقاط هذا النظام، وعلى الرغم من حجم الشعارات المضللة خلال أحداث انتفاضة الشعب الإيراني الأخيرة من خلال تنفيذ مختلف المشاريع الرجعية والإستعمارية والمحاولات الدؤوبة لإطفاء شعلة الانتفاضة إلا أن أبناء الشعب الإيراني كانوا مترابطين لصيقين بأركان قيادتهم وتمكنوا من السيطرة على الأوضاع في أيديهم وأغلقوا الطريق على المخططات الرجعية والاستعمارية.
هذه المقاومة التي تشكل منظمة مجاهدي خلق الإيرانية قوتها المركزية متجسدة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية تمكنت الآن وأكثر من أي وقت مضى من تضييق الخناق على نظام ولاية الفقيه في جميع أنحاء إيران، وخارج إيران (دبلوماسياً ودولياً) جاعلة الرغبة الرئيسية للشعب الإيراني أي (الإطاحة بالدكتاتورية في إيران) في “مقدمة” التضحيات والحفظ والصون.
المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية هو التحالف السياسي الوطني الأقدم في تاريخ إيران وقد تأسس على قاعدتين هما “الحرية” و “الاستقلال”، وتأسس هذا المجلس في طهران على يد السيد مسعود رجوي في صيف عام 1981 وله هيكل “حكومة في المنفى” والتي لديها برنامج يأخذ على عاتقه “توفير الحريات” و “إحقاق حقوق جميع مكونات الشعب الإيراني”، في برنامجها، وهو البرنامج والمظلة الفريدين من نوعهما في تاريخ إيران حتى اليوم، وترتكز أسس هذا المجلس على التعددية والجمهورية وفصل الدين عن السلطة والعلمانية، وقد تم اختباره واختبار مرونته بالتوازي مع التطورات السياسية المتعلقة بإيران، وحظي بثقة الشعب الإيراني وطيف واسع من المجتمع الدولي، وهذا هو السبب الذي دفع بإرسال البدائل المزيفة للإستعراض بساحة الأحداث في الأشهر الماضية وسرعان ما بهتت وتلاشت!
الآن وقد أصبحنا في الشهر التاسع من الانتفاضة الأخيرة للشعب الإيراني؛ هناك بعض الحقائق التي لا يمكن إنكار وجودها ونوردها على النحو التالي:
أولاً. على الرغم الألاعيب ومختلف المناورات التي أظهرتها الدكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران حتى اليوم إلا أنها وصلت إلى نهاية خط بقائها والشعب الإيران عازم على إسقاطها، وهناك إجماع واضح في الرأي يدل على “حتمية الإطاحة بالنظام”، وبنظرة على الانتفاضة الأخيرة للشعب الإيراني نجد أنها قد ثبتت مُرسخة مثل هذه الحقيقة!
ثانياً. وبنظرة واقعية لتاريخ إيران وما لوحظ في انتفاضة الشعب الإيراني الأخيرة لا سيما ما لوحظ في كافة المدن الإيرانية، وكما يتضح في شعارات ومطالب الشعب الإيراني الدالة على حقيقة ذلك فإن “الأوضاع لن تعود إلى الوراء”، ولا يريد الشعب الدكتاتورية الدينية الحاكمة ولا العودة إلى دكتاتورية سلالة بهلوي السابقة، وفي ظل هكذا حقائق فإن جهود الرجعية والاستعمارية لإعادة نظام الشاهنشاهية إلى إيران ليست أكثر من سراب ولا يمكن أن تجد لها موطئ قدمٍ ترتكز عليه!
ثالثاً. لا يوجد على الأرض وفي ميادين العمل الاجتماعي بديلاً آخر للدكتاتورية في إيران سوى “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”، وهو مجلسٌ يمثل رغبات الشعب الإيراني، بديل حقيقي واقعي بمؤشرات ومُحددات حية قائمة على الأرض مثل “القاعدة الاجتماعية” ، “والتنظيمات الإدارية” ، “تراكم الخبرة العملية والتي هي محط ثقة الشعب” ، “البرنامج والنظام الأساسي القائم على” الحرية وفصل الدين عن السلطة والاستقلال “، وقد عُرِف كهيكل ” ديمقراطي وجمهوري ” ذي إعتبارات شعبية وعالمية.
كلمة أخيرة: أعلنت السيدة مريم رجوي إثر إعدام ثلاثة شبان من أصفهان قائلة : “لايمر يوم دون أن يسفك فيه الولي الفقيه السفاح دماء شبابنا على الارض حفاظا على حكمه المشين الإيل للسقوط. ولا يستطيع نظام الملالي أن يحكم ليوم واحد بدون قمع وتعذيب وإعدام، والطريق الوحيد للتحرر من حكومة التعذيب والإعدام هي الانتفاضة والمقاومة، وأضافت السيدة رجوي: “إن التقاعس أمام نظامٍ يمثل وصمة عار على الإنسانية المعاصرة يتعارض بشكل واضح مع المبادئ والقيم العالمية المعروفة لحقوق الإنسان”.
وفي كل يوم يمضي يتردد صدى هذه الحقيقة أكثر فأكثر.. حقيقة أن “عهد المطالب من هذا النظام قد انتهى” وما يجب أن يكون هو “النضال من أجل إسقاط الدكتاتورية في إيران” وما من سبيل آخر غير ذلك!