ایلاف – موسى أفشار:
في حين أن المدارس الإيرانية لم تبدأ أنشطتها بعد في العام الجديد، فقد نظم المعلمون مسيرات احتجاجية في عدة مدن في إيران. ونظم المدرسون والتربويون، الثلاثاء 28 مارس، وقفة احتجاجية أمام المديرية العامة للتربية والتعليم في مدن بجنورد وتبريز وزنجان وملاير وكرمانشاه وأردبيل وهمدان وغيرها، بسبب عدم حل مشاكلهم المعيشية. ويقول المعلمون المحتجون أن “العيش بكرامة هو حقهم غير القابل للتصرف” ويعتبرون التطبيق الكامل للترتيب “حقهم” و “نتيجة معاناتهم”. ويريد المعلمون المحتجون “تعليمًا مجانيًا وعالي الجودة” للطلاب، و “تأمينًا فعالًا للمعلمين العاملين والمتقاعدين”.
يبدو واضحا أن مسار الاحداث والتطورات التي قد نجمت وتداعت عن إنتفاضة سبتمبر 2022، قد جعلت قادة النظام الايراني يشعرون بالخطر والتهديد الکبير المحدق بهم وإن يوم 16 سبتمبر، قد أصبح بالنسبة لهذا تأريخا فاصلا بين زمنين، إذ أنه ومنذ ذلك اليوم فإن إيران غدت إيران مختلفـة وليس من الصعب بل وحتى من المستحيل العودة الى ما قبل هذا التأريخ، وبهذا فإن قادة النظام وبشکل خاص خامنئي ورئيسي، قد تيقنا بأن الامر لم يعد کما کان يحدث مع الانتفاضات السابقة حيث کان النظام يعيد سيطرته على الاوضاع ويعيد الامور الى ما کانت عليه.
الانتفاضات الثلاثة التي سبقت إنتفاضة 16 سبتمبر، کانت على التوالي بمثابة رسائل واضحة من الشعب الايراني الى النظام من حيث إنه لم يعد بوسعه تحمل الاوضاع ويريد تغييرا، مع ملاحظة بأن لکل إنتفاضة من هذه الانتفاضات لغتها وطابعها الخاص لکن الذي کان يجمعها على خط ومسار واحد هو رفضها للنظام ومطالبتها بالتغيير إلا أن ماقد جرى في إنتفاضتي أواخر عامي 2017 و2019، وعلى التوالي من ترديد هتافات صريحة نالت من البنية الاساسية للنظام ومن شخص الولي الفقيه، قد کان تأکيدا للنظام من إن الوعي السياسي للشعب الايراني قد وصل حدا لم يعد بإمکان النظام خداعه والتمويه عليه بالغطاء الديني.
الطابع السياسي الذي طغى على الانتفاضتين الآنفتين صار واضحا جدا في إنتفاضة 16 سبتمبر، حيث أعلن الشعب المنتفض ليس عن رفضه للدکتاتورية المتدثرة بالغطاء الديني بل وحتى بدکتاتورية الشاه التي يبدو إن هناك من تصور بأنه بإمکان أبن الشاه المخلوع أن يعيد سيناريو التيارالديني المتشدد بأن يرکب التيار ويفرض نفسه کبديل للنظام، لکن الشعب الايراني بترديده شعار “الموت للظالم سواءا کان الشاه أو خامنئي”، فإنه قد حدد خياره برفض الدکتاتورية بوجهيها القبيحين وبمثابة تأکيد وإصرار على عدم السماح بتکرار ذلك السيناريو المشبوه.
الخطاب الذي ألقاه خامنئي بمناسبة عيد النوروز، لم يکن بنفس سياق خطاباته للأعوام الماضية التي کان يمجد فيها النظام ويرکز على المسائل العقائدية ويٶکد قوة وتماسك النظام بوجه أعدائه وخصومه، بل کان خطابا إستجدائيا للشعب إن صح التعبير، إذ أن خامنئي ظهر وکأنه قد صحى لتوه من نوم عميق لينتبه الى ما يعاني منه الشعب من أوضاع معيشية سيئة جدا بحيث صارت مضربا للأمثال، وإن ترکيزه على الاوضاع الاقتصادية وجعلها محور خطابه والذي جاء بعد الاتفاقات المعقودة مع بلدان المنطقة وخصوصا السعودية، وقطعا فإن ذلك لم يکن محض صدفة بل إنه قد جاء بمثابة مسعى غير عادي يبذله النظام من أجل تحقيق أکثر من هدف في سبيل درء الاخطار والتهديدات المحدقة به وخصوصا خطر السقوط والانهيار الذي صار النظام يستشعره، وهو يريد أن يموه “لفترة محددة” على الشعب من جهة وعلى دول المنطقة من جهة أخرى کي يضمن لنفسه البقاء والاستمرار الى إشعار آخر، لکن ما يتمناه خامنئي هو تمني المفلسين الذي لن يغير من الامر شيئا!