الکاتب – موقع المجلس:
من السمات الجديرة بالملاحظة في انتفاضة سبتمبر عام 2022 هي أن النساء والفتيات الشجاعات والشباب المتمردين لا يخشون هجوم القوات القمعية، بل إنهم يتصدون لهذه القوات بالمبادرة بالهجوم عليها، ويجبرون مرتزقة خامنئي، في نهاية المطاف، على الانسحاب.
فقد شاهدنا في كثير من مقاطع الفيديو أنه تم فك تعويذة الخوف بين صفوف المتظاهرين الشجعان، وانتقل الخوف إلى الجبهة الأخرى لينتاب القوات القمعية، من خلال التضامن، وبلاء مجموعة المتمردين بلاءً حسنا مذهلًا للجميع.
ويجب على المسؤولين الحكومين هذه المرة أن يشعروا بالخوف من عاقبة ما فعلوه، ويدركوا أنهم محاصرون أينما ذهبوا بنظرات الشعب الغاضب الذي لم يعد يخشى بطش هذه السلطة الفاشية.
والجدير بالذكر أن تحقيق هذه العملية يُعتبر نقطة نوعية في نضج سلسلة انتفاضات الشعب الإيراني ضد الاستبداد الديني، وهو ورقة أساسية تعني النصر، ويُعتبر إنجازًا مهمًا ومذهلًا.
حيث أن نظام الملالي كان يحكم البلاد لأكثر من 4 عقود معتمدًا على الترويع والقمع والإرهاب وإراقة الدماء والعنف. فضلًا عن أنه يرتزق من تعذيب المواطنين وقتلهم وإعدامهم شنقًا. ويذهب رأس المال الرئيسي هذا الآن أدراج الرياح. فعندما يكون هذا التخويف عقيمًا، فإن نتيجته الحتمية ستكون إحباط مخطط استبداد الملالي وطغيانهم.
راديكالية الانتفاضة الإيرانية وفك تعويذة الخوف
والحقيقة المؤكدة هي أن هذا الخوف يتبدد تدريجيًا يومًا بعد يوم، ومن انتفاضة إلى أخرى.
إذ أن وحدات المقاومة تلعب دورًا أساسيًا في تبديد هذا الخوف بهجومها المستمر على رموز القمع. ويتصاعد الغضب المتفجر بالتوازي مع عدم الخوف من القمع. وهو غضب بركاني من رابع المستحيلات السيطرة عليه، حيث أنه ناجم عن تطرف الانتفاضة.
وهذا التطرف متجذر في دماء أكثر من 1500 شهيد من شهداء الحرية إبّان انتفاضة نوفمبر 2019، وفي الدماء الطاهرة لـ 120,000 شهيد في تاريخ معركة الإطاحة. ولم يخف مثل هذا التطرف في الانتفاضة، في الأيام العاصفة من سبتمبر 2022؛ عن عيون وسائل الإعلام التي هي رهن إشارة الولي الفقيه.
فعلى سبيل المثال، قال مذيع القناة الـ 3 المتلفزة التابعة لنظام الملالي، في 21 سبتمبر 2022، مشيرًا إلى دعوات مجاهدي خلق للقيام بالانتفاضة إن: “الانتفاضات دائمًا ما كانت تتجه نحو التطرف منذ منتصف اندلاعها، إلا أن الانتفاضة الأخيرة بدأت بالتطرف منذ البداية.
راديكالية الانتفاضة الإيرانية وفك تعويذة الخوف
قال محسن مهديان، أحد حراس نظام الملالي؛ والمرعوب من القفزات المذهلة في الانتفاضة الوطنية:
“أودُّ أن أحيطكم علمًا بأن الأحداث التي وقعت في هذين اليومين أحداثٌ غير مسبوقة، إذ أننا شهدنا، خلال اليومين الماضيين، نوعًا من الاحتجاجات غير المسبوقة في الـ 40 عامًا الماضية، فهي أحداث غير مسبوقة من حيث أننا لم نشهد احتجاجات على هذا النحو في أي فترة من الفترات؛ نظرًا لأنكم تشهدون العنف وأعمال الشغب منذ الساعة الأولى”.
إن ما يقصده بـ ” العنف وأعمال الشغب” هو الغضب والكراهية الثورية للشباب المتمرِّد الذي لم يعد قادرًا الآن على تحمل القمع، والصامد في صفوف المعركة لمواجهة القمع، ويهاجم القمعيين، من خلال العمل الجماعي، ويطوي صفحات التاريخ في الشوارع بما يخدم مصالح الحرية والأحرار.
ومن بين الاعترافات الأخرى هي أن انتفاضة الشعب الوطنية تستهدف “مبدأ الولي الفقيه”. فالقصة وما فيها هي أنها ليست بقصة الحجاب ولا دورية الإرشاد ولا بقصة الفقيدة مهسا أميني، بل إن القصة هي قصة السلطة الفاشية ليس إلا. وشعاراتهم هي ما تشهدونه اليوم خلال هذا اليوم أو اليومين. وإذا كان لديكم تحليل منصفٍ للشعارات من حيث الإدراك الواعي، فسوف تدركون أن الشعارات تقول علانيةً أن مشكلتنا ليست القضايا التي تمت إثارتها على الإطلاق، بل إن مشكلتنا هي مبدأ السلطة القروسطية”. (المصدر نفسه).
والجدير بالذكر أن العناصر ووسائل الإعلام الحكومية متخلفة عن المواطنين بعدة مراحل نوعية مصيرية؛ في ضوء هذه الاعترافات والكشف عن الفضائح، حيث يتم استهداف “مبدأ ولاية الفقيه” اعتبارًا من 20 يونيو 1981 حتى الآن.
إذ يشير هذا المبدأ إلى مبدأ ولاية الفقيه المناهض لكل ما هو إيراني، والذي يتلقى ضربات ساحقة من قِبل المقاومة الإيرانية، على مدى 4 عقود، وأثمرت الآن غضبًا كبيرًا من الشعب الإيراني.
وتُبرز بعض الشعارات هذا التطرف، من قبيل “سأخذ بثأر أختي” و “يا ويلكم من يوم نتسلح فيه”.