عرض عسکري لعناصر حزب الله اللبناني-
هل فهم خامنئي مغزى استهداف حزب الله، الذي جاء متزامنًا مع سقوط الأسد وأفول نجم حماس؟
میدل ایست اونلاین- منی سالم الجبوري:
انهيار حزب الله شكل ضربة قاصمة للمشروع الايرانيانهيار حزب الله شكل ضربة قاصمة للمشروع الايراني
الهالة الكبيرة التي حرصت طهران على إحاطتها بحرب صيف 2006، والتهويل الملفت في أداء حزب الله في تلك الحرب ضدّ إسرائيل، كلُّ ذلك لم يكن في حقيقته من أجل ذلك الحزب، بل كان لمن أدار هذا الحزب ووجّهه، وكان يعتقد أنه رسالة ردع كافية لكل من يفكّر بالاصطدام بها وبما تمثّله في المنطقة.
على الأرجح، لم تتصوّر إيران يومًا أن تُلوَى يدها في لبنان، حيث وكيلها الأقوى والأشد تطاولًا على كل من يوحي بمعاداتها سيؤول أمره إلى حالة من الضعف والتضعضع، بحيث يُضرب بها المثل عنوانًا لبداية نهاية عهد وكلائها في المنطقة.
ويبدو أن الرسالة التي أُرسلت إلى إيران عبر ما حدث لحزب الله كانت ذات مضمون نوعي خاص: لم تُتّبع فيها قاعدة “عنترة بن شداد” بضرب الفارس الأضعف لإرعاب الفرسان الأقوياء، بل خالفت تلك القاعدة بضرب الفارس الأقوى ليعلم الضعفاء ما سيجري لهم عند خوضهم غمار المواجهة.
كل ما يُقال ويُتردّد عن وضع حزب الله الحالي واحتمال عودته للساحة مجدّدًا واسترداد ما قد سُلِب منه، محض هراء وأحلام عصافير، إذ أن الجميع، وليس إسرائيل وحدها، يرفضون ذلك رفضًا مطلقًا، لا سيما وأن حزب الله كان بندقيةً تحت الطلب لخامنئي، وكانت رصاصاته موجهةً للجميع. وما من حاجة إلا إلى تذكّر التصريحات النارية لحسن نصرالله أيام “عز” هذا الحزب ليتضح الأمر.
خامنئي والجناح المتشدّد التابع له كانا دائمًا يزايدان داخليًا على هذا الحزب ويصوّرانَه كمبعث مجد لإيران، وكانا بذلك يؤكدان أن حزب الله يد إيرانية 100 في المئة، والحزب ذاته لم ينكر ذلك بل كان يتباهى به. لكن اليوم تبدّلت الصورة، وارتفعت أصواتٌ من داخل إيران تتساءل عن جدوى المليارات التي أُهدرت (وليس صرفت) على هذا الحزب تحديدًا، وعلى نظام بشار الأسد على نحو خاص، وعن الفائدة التي جنتها إيران من الحقائب المليئة بالدولارات التي نُقِلَت إلى قادة حركة حماس وهم يغادرون إيران.
وعودةً إلى سبب ضرب حزب الله بهذه القوة بدلاً من وكلاء آخرين مثل الميليشيات الشيعية في العراق، فإنّ الإجابة تأتي من فهمٍ عميق لقوة وعمق موالاة وكلاء النظام. إذ كان حزب الله في الطليعة وبجدارة، فيما يمكن القول إن الميليشيات الشيعية العراقية كانت بالاسم فقط في المؤخرة، وتحديدًا من كانوا “يجمعهم الطبل وتفرّقهم العصا”.
السؤال الذي لا بد من طرحه هو: هل فهم خامنئي مغزى استهداف حزب الله، الذي جاء متزامنًا مع سقوط الأسد وأفول نجم حماس؟ هناك الكثير من التصريحات الإيرانية التي توحي بخلاف ذلك، وحتى خامنئي نفسه يتصرّف على هذا النحو؛ لكن هل الأمر حقًا كذلك؟ قطعًا ليس كذلك، لأنَّ النظام المتشدّد يعلم جيدًا أن العودة إلى إثارة حروب بالوكالة في المنطقة هذه المرّة ستكون مختلفة تمامًا. إذ إن الهدف لن يقتصر على الإضعاف كما حدث في حالة حزب الله، بل قد يمتدّ إلى الاستئصال؛ وهذا يعني أن على خامنئي ألا يقرأ الفاتحة على وكلائه في المنطقة فحسب، بل ربما كذلك على نظرية ولاية الفقيه ذاتها!








