موقع المجلس:
حين تأسست جامعة “آزاد الإسلامية” في إيران، رُوّج لها كمشروع يفتح أبواب التعليم العالي أمام مختلف شرائح المجتمع. لكن بعد عقود، تحوّل هذا الشعار إلى مجرد وهم، إذ باتت الجامعة اليوم تُعرف بين طلابها بأنها “آلة لجمع الأموال”، حيث ارتفعت الرسوم بشكل غير مسبوق، خاصة في التخصصات الطبية، لتصبح الدراسة حكرًا على المقتدرين ماليًا. وهكذا تحوّل التعليم، الذي يفترض أن يكون حقًا عامًا، إلى امتياز خاص وواجهة أخرى من واجهات الفساد المستشري في النظام.

اطلاب في الجامعة
وفقًا لقرارات مجلس أمناء الجامعة المركزي، تراوحت الرسوم الدراسية لتخصصات الطب وطب الأسنان والصيدلة للعام الأكاديمي 2025-2026 بين 200 و218 مليون تومان سنويًا. هذه الأرقام الخيالية في ظل الأزمة الاقتصادية أثارت موجة استياء بين الطلاب والأسر، وأدت فعليًا إلى إقصاء شرائح واسعة من إمكانية دخول المهن الحيوية.
عبء مالي بلا دعم
الطلاب يواجهون هذا العبء بمفردهم، في غياب تام لأي آليات دعم مثل المنح أو القروض أو خطط السداد الميسرة، كما هو معمول به حتى في الجامعات الخاصة حول العالم. يقول أحد الطلاب بمرارة: “لم تعد هذه جامعة، بل سوق تُباع فيه الشهادات بدماء الناس”. وهكذا يتضاعف الضغط النفسي والاقتصادي على الأسر بشكل خانق.
تكريس الفوارق الطبقية
حين تصبح كلفة شهادة جامعية معادلة لدخل أسرة متوسطة لسنوات، يتقلص التعليم إلى امتياز طبقي. ويعني ذلك أن مستقبل المهن الحساسة، كالطب، سيكون رهين الثروة لا الكفاءة، ما يهدد العدالة الاجتماعية ويقوّض الحراك المهني.
ورغم امتلاك جامعة آزاد لموارد ضخمة تشمل أراضٍ ومشاريع وعقارات، إلا أنها اختارت أسهل طريق للربح: زيادة الرسوم. بدلاً من استثمار الأصول لتوفير منح أو دعم مالي، تُحمل الأعباء على الطلاب وحدهم، وهو ما يسيء لسمعة الجامعة ويجعلها أقرب إلى “تاجر شهادات”.
تداعيات على المجتمع
استمرار هذه السياسة سيترك بصمات سلبية بعيدة المدى: تقليص فرص التعليم العالي، تسارع هجرة العقول، وفقدان الثقة بالمؤسسات الأكاديمية. وفي ظل انسداد الأفق أمام الشباب، سترتفع التكلفة الاجتماعية والسياسية على البلاد.
إن إصلاح التعليم وإعادة العدالة فيه لا يمكن أن يتحقق في ظل نظام يضع الأرباح فوق حقوق الأجيال. ما لم يحدث تغيير جذري، سيبقى الطلاب وعائلاتهم يدفعون ثمن السياسات التي حولت الجامعات إلى مشاريع ربحية على حساب مستقبل الأمة.








