موقع المجلس:
إثر هجوم مسلح استهدف دوريتين للشرطة في محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرق البلاد، قُتل خمسة عناصر من قوات الأمن الإيرانية يوم الجمعة 22 أغسطس 2025. حیث یعرف الإقليم بتوتراته المستمرة. ورغم عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن العملية، فإن الحادث يعيد إلى الواجهة واقع الاحتقان العميق الذي يعيشه الإقليم نتيجة السياسات القمعية والتهميش الممنهج ضد الشعب البلوشي.
وبحسب المصادر الرسمية، وقع الهجوم على طريق خاش–إيرانشهر، واستهدف وحدتين تابعتين لمركز شرطة “دامن”. غير أن شهودًا محليين أكدوا أن العملية جرت في منطقة دامن تحديدًا، حيث استُهدفت سيارتان من نوع هايلوكس وسمند، ما أسفر عن مقتل جميع الركاب، بينما استولى المهاجمون على أسلحتهم قبل أن ينسحبوا.
خلفيات العنف: واقع التهميش والتمييز
لفهم هجمات من هذا النوع لا بد من النظر إلى جذور الأزمة. فالمواطنون البلوش في إيران يعانون من “تمييز مزدوج”: فهم مهمَّشون على أساس عرقي، ومضطهدون على أساس ديني باعتبارهم أقلية سنية في ظل حكم الملالي. وتُعد محافظة سيستان وبلوشستان الأكثر فقرًا وحرمانًا في البلاد، حيث ترتفع البطالة وتغيب مشاريع التنمية، ما يدفع شباب المنطقة إلى خيارات محفوفة بالمخاطر.
ومن أبرز هذه الخيارات مهنة “سوختبَري” (نقل الوقود عبر الحدود)، التي لا تُمارس بدافع الكسب السريع بل كخيار وحيد لإعالة الأسر في غياب فرص العمل. إلا أن النظام يتعامل مع هؤلاء العمال البسطاء كـ”مجرمين”، ويستهدفهم بالرصاص وقذائف الحرس الثوري، ما يؤدي أحيانًا إلى احتراقهم داخل سياراتهم، وسط إفلات تام من العقاب.
القمع.. المحرك الأساسي لعدم الاستقرار
يرى النشطاء البلوش أن السبب الحقيقي لتفجر العنف في الإقليم هو القمع المنهجي الذي تمارسه السلطات: إعدامات ميدانية، اعتقالات تعسفية، وقمع دموي لأي شكل من أشكال الاعتراض. هذه السياسة خلقت بيئة مشحونة بالغضب والإحباط، ما جعل المنطقة واحدة من أكثر بؤر التوتر المستعصية في إيران.