
لقد أتيحت للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لسنوات الفرصة لتنسيق قوائم عقوبات حقوق الإنسان الخاصة بهم، لكنهم لم يفعلوا ذلك ولم يقدموا أي تفسير.
الکاتب – موقع المجلس:
أشار موقع هيل للكونغرس الأمريكي باليوم الأول من العام الجديد إلى “القمة الافتراضية والدولية من أجل الديمقراطية” في مقال بعنوان “سواء كانت قمة أم لم تكن فإن الديمقراطيات ما زالت لم تعمل بالقدر الكافي لحماية الحقوق الإنسانية للشعب الإيراني “، جمعت الولايات المتحدة قادة الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص في قمة إفتراضية ودولية للقادة من أجل الديمقراطية في 9-10 من ديسمبر.
ووصفت وزارة الخارجية القمة بأنها “توفر منصة للقادة لإعلان الالتزامات الفردية والجماعية والإصلاحات والمبادرات للدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في الداخل والخارج”
وجدير بالثناء أن تقوم حكومة بايدن استغلال مناسبة هذه القمة لتقرر فرض عقوبات على مسئولي أحد أكبر الأنظمة المنتهكة لحقوق الإنسان في العالم وهو النظام الإيراني، ولكن مع الأسف أضاعت آمريكا وحلفاؤها الديمقراطيون الاتحاد الأوروبي على التحديد فرصة هذه القمة من أيديهم وذلك من أجل بذل جهود أكثر للدفاع عن حقوق الإنسان.
ويستمر في الأنتهاك المتكرر للحريات الأساسية ـــ والتي تشمل حرية الرأي والنشر، الحرية الدينية، وحرية الإجتماع والتجمع، فضلا عن الحق في الحياة، وعلى سبيل المثال شنت الشرطة الإيرانية في 26 نوفمبر2021 حملة قمع للاحتجاجات على النقص الحاد في المياه بمدينة أصفهان، واعتقلت أكثر من 200 شخص وجرحت 30 آخرين بإطلاقات رصاصات كروية في العين.
وقبل ذلك بيومين قامت السلطات بشنق آرمان عبدالعالي البالغ من العمر 25 عاما.
وقد فرضت الولايات المتحدة عشية القمة عقوبات مناسبة على مرتكبي مثل هذه الانتهاكات، وبحسب بيان صادر عن وزارة الخزانة فإن الأهداف شملت الوحدات الخاصة التابعة لقوات الشرطة الإيرانية (LEF)، وكذلك “الوحدة الخاصة بالسيطرة على المجتمع وقمع الاحتجاجات” من قوات الشرطة التي كانت تخضع للعقوبات السابقة، وكذلك الوحدات الخاصة ” التي استخدمت العنف المفرط والمميت وأستخدمت سلاحها لإطلاق النار على المتظاهرين العزل، بمن فيهم النساء والأطفال”.
كما أدرجت الحكومة على القائمة السوداء كبار مسؤولي القوات الخاصة ومن بينهم القائد حسن كرمي، وكان الهدف الأبرز للعقوبات غلام رضا سليماني قائد البسيج، والبسيج قوة ميليشيا عسكرية رئيسية للنظام قمعت المحتجين لسنوات.
وتثير هذه العقوبات الجيدة جدا بعض التساؤلات منها: فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على كرمي وسليماني في أبريل فلماذا انتظرت الولايات المتحدة ثمانية أشهر لتحذو حذوها؟ ولماذا استغرق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سنوات لمعاقبة سليماني بسبب انتهاكات حقوق الإنسان نظرا لسجله الطويل في انتهاكات حقوق الإنسان؟ ولماذا لم يعاقب الاتحاد الأوروبي بعد الوحدات الخاصة التابعة لقوات الشرطة الإيرانية أو وحدتها الخاصة وكذلك مسؤوليها؟
كانت هذه التأخيرات للأسف لسوء الحظ جزءا من صورة سلبية أكبر وعدم تنسيق، ووفقا للإحصائيات هناك ما بين 91 فردا أو كيانا فرض عليهم الاتحاد الأوروبي عقوبات بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، ولم تفرض الولايات المتحدة عقوبات على 59 فردا أو كيانا، والمشكلة العكسية أسوأ، فالولايات المتحدة فرضت عقوبات على حوالي 160 فردا أو كيانا لمثل هذه الانتهاكات، ولم يضع الاتحاد الأوروبي سوى 30 منهم في القائمة السوداء ـــ أي أقل من الخُمس.
بعض هذه العناصر ليست على قائمة الاتحاد الأوروبي، وجدير بالذكر أن هذه العناصر تتضمن قوات البسيج نفسها التي فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها منذ أكثر من عقد، إلى جانب ما يسمى بـ الحرس الثوري للثورة الإسلامية الذي تقول وزارة الخزانة إنه مسؤول عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان شملت “القمع العنيف للاحتجاجات وسوء المعاملة” مع السجناء السياسيين الذين يخضعون تحت سيطرة الحرس في عنابر سجن إيفين بطهران، ووزارة الخابرات والأمن المسؤولة عن جرائم” الضرب والشتم والإستغلال الجنسي والإستجواب المطول وإعترافات السجناء القسرية وبشكل خاص السجناء السياسيين”…، كما أن هيأة الإذاعة والتلفزيون بـ جمهورية إيران الإسلامية تحت سيطرة النظام حيث يتم بث الإعترافات القسرية سالفة الذكر من خلال التليفزيون.
لقد أتيحت للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لسنوات الفرصة لتنسيق قوائم عقوبات حقوق الإنسان الخاصة بهم، لكنهم لم يفعلوا ذلك ولم يقدموا أي تفسير.
وكما قال الرئيس بايدن فإن قمة الديمقراطية “ستستغرق عاما لبدء العمل بعده” وذلك لمتابعة الملاحظات الطموحة التي تم الإدلاء بها في تلك القمة، ويجب على واشنطن وبروكسل والديمقراطيات الأخرى العمل معا لمعاقبة منتهكي حقوق الإنسان في إيران.
لتنسيق قوائم العقوبات حد وليس سقف
من الواضح أن حقوق الإنسان غالبا ما تأتي في المرتبة الثانية بعد أولويات السياسة الخارجية الأخرى، ولا يزال يتعين علينا أن نرى ما الذي ترغب حكومة بايدن في التضحية به لإنقاذ اتفاق إيران النووي أو خلق إتفاق جديد، وقالت إيران إنها لن تستأنف الالتزام بالاتفاق ما لم يتم رفع جميع العقوبات المفروضة على النظام من جانب واحد، وفي حال لم توافق واشنطن وبروكسل على ذلك فقد يترددان في تمديد وتوسعة عقوبات حقوق الإنسان خوفا من خرق الاتفاق مع طهران.
لذا فقد حان الوقت لتحميل الديمقراطيات المسؤولية عما قالوه في القمة، وتقول وزارة الخارجية إن المؤتمر يوضح التزام إدارة بايدن وهاريس بوضع الديمقراطية وحقوق الإنسان في صميم السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
لقد حان الوقت الآن لإثبات ذلك، والشراكة مع الاتحاد الأوروبي والدول الحرة الأخرى لتحقيق هذا الهدف.