اهلا العربیة -سعاد عزيز:
ثلاثة عقود مضت على التواصل الدولي مع نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية من أجل التوصل الى إتفاق نووي يضع حدا لمساعي إيران السرية من أجل إنتاج القنبلة الذرية، وقد کان واضحا خلال کل هذه الاعوام الطويلة من التفاوض مع هذا النظام بأنه أبعد ما يکون عن الشفافية ويکتنف موقفه الغموض، لا سيما من خلال الأساليب والطرق التي يعتمدها في التفاوض من لف ودوران ومماطلة وتسويف وحتى إحتيال وخداع وکذب. وقد إتضح کل ذلك للبلدان الغربية إلى حد بعيد نسبياً، ولذلك يبدو أن الثقة التي کانت متاحة الى حد ما بهذا النظام خلال المحادثات النووية التي نجمت عن التوصل للإتفاق النووي للعام ٢٠١٥، لم تعد موجودة الآن. والسؤال: هل تريد طهران أن تتفق نووياً؟
أکثر تصريح إيراني لفت النظر وأثار السخرية والتهکم معا هو ما قد صدر عن وزير الخارجية الإيراني، أمير عبد اللهيان الذي قال في معرض تحدثه عن عودة طهران لطاولة المفاوضات، إن نظامه لا يريد “التفاوض من أجل التفاوض”، في وقت کانت أوساطا سياسية مطلعة قد أکدت لأکثر من مرة أن النظام الإيراني هو الذي يريد “التفاوض من أجل التفاوض” وليس من أجل التوصل لنتيجة حاسمة، لا سيما وأن البلدان الغربية والمجتمع الدولي عموماً يهمه التوصل إلى نتيجة ووضع حد للطموح النووي لطهران، لکن يبدو أن ما صرح به عبد اللهيان يٶکد حقيقة أن طهران تتلاعب بالألفاظ وتسعى للمزيد من اللف والدوران.
تلاعب طهران بالألفاظ ولفها ودورانها لا يقف عند هذا الحد، بل يتجاوزه حتى إلى وضع الشروط التعجيزية التي تثبت عدم حسن النية، ولعل الشروط الثلاثة التي حددتها طهران لإعادة العمل بالاتفاق النووي والتي تشمل: “رفع العقوبات دفعة واحدة، إضافة إلى ضمانات أمريكية بألا تتخلى مجددا عن الاتفاق، والإعتراف بتقصيرها في الانسحاب والتسبب في الأوضاع الحالية.”، تثبت بأن طهران لا زالت تحبذ المراوغة واللف والدوران في سبيل تحقيقها لهدفها المنشود بصناعة وإنتاج القنبلة النووية.
بعد المقال الحالي شاهد:
الاستعمار الجديد
بعد کل ما أسلفنا ذکره فإن السٶال ما زال: هل تريد طهران أن تتفق نووياً؟ والاتفاق الذي نقصده هنا هو ذلك الذي يضع حدا للهاث المشبوه للنظام الإيراني من أجل إنتاج القنبلة النووية، ولو راجعنا ثلاثة عقود من المفاوضات النووية الجارية مع هذا النظام لوجدنا ثمة خيط يربط بينها، وهو الذي يتجلى في حرص غير عادي لهذا النظام على عدم التخلي عن الجانب العسکري من برنامجه النووي، حتى إنه وبعد رفع نسبة التخصيب وإستمراره على ذلك فقد أصبح يعمل وبصورة تٶکد عزمه على إنتاج القنبلة النووية، وهو ما يلفت الأنظار مرة أخرى إلى ماقد أکدته زعيمة المعارضة الايرانية، مريم رجوي، من أن النظام الإيراني مع الإتفاق النووي أو بدونه فإنه سيواصل مساعيه من أجل إنتاج القنبلة الذرية.