فسادٌ هو أُس الكارثة في الأشهر الأخيرة في البلاد
التقرير الاقتصادي .. ارتفاع سعر الصرف في إيران وسرقة أجور أبناء الوطن
کاتب:عبدالرحمن كوركي مهابادي
إن تراجع قيمة الريال في ظل نظام حكم الملالي يُسلط الضوء على سجل هذا النظام الفاشي الحافل بالفساد والنهب. فسادٌ هو أُس الكارثة في الأشهر الأخيرة.
واعترف عليرضا حيدري، عضو المجلس الحكومي للعمل بهذه الكارثة، قائلًا: ” نتيجةً لارتفاع سعر صرف الدولار في الوقت الراهن وصل الحد الأدنى للدخل إلى أقل من 80 دولارًا في الشهر. وهذا يعني أن نصيب كل فرد من أفراد أسرة العامل المكونة من أربعة أفراد 20 دولارًا فقط في الشهر، في حين أن خط الفقر المدقع يتراوح ما بين دولار إلى دولارين في اليوم”. (وكالة “إيلنا” للأنباء، 20 أكتوبر 2020).
والجدير بالذكر أن سعر الصرف هو أحد مؤشرات الوضع الاقتصادي للبلاد. وادعى حسن روحاني أن الوضع الاقتصادي هذا العام أفضل مما كان عليه في السنوات السابقة.
ويدعي حسن روحاني ذلك، على الرغم من أن سعر الدولار كان في 23 أكتوبر 2019، يعادل 11,252 تومان، بيد أن سعر الدولار هذا العام تجاوز حدود الـ 32,000 تومان.
والحقيقة هي أنه في كل مرة يرتفع فيها سعر الصرف، يتبعها ارتفاع في أسعار احتياجات الناس أيضًا.
فمنذ بداية هذا العام حتى الآن تضاعف سعر صرف الدولار بمقدار مرتين تقريبًا، في حين ارتفعت الرواتب بنسبة تتراوح ما بين 15 إلى 20 بالمائة فقط. وبناءً عليه، تراجعت القدرة الشرائية بالفعل لأبناء الوطن، وتحديدًا لأصحاب المعاشات والعاملين بأجر بنسبة 50 في المائة.
وفيما يتعلق بارتفاع سعر الصرف وتراجع القدرة الشرائية للناس، يقول أحد المواطنين في مقطع فيديو منتشر في الفضاء الإلكتروني : ” إن الحكومة تستولى على الدولار وتتحكم فيه، وفي كل مرة تقل فيها كمية الدولار تقوم الحكومة برفع سعره لتبيعه للمواطنين. وبعد بيعه للمواطنين تبادر بخفض سعره ليسارع الناس إلى بيعه مرة أخرى”.
تراجع قيمة العملة الوطنية وزيادة السيولة النقدية
في بداية تولي هذا النظام الفاشي السلطة في البلاد كان سعر الدولار 10 تومانات، والآن يتجاوز سعر الدولار حدود الـ 30,000 تومان، بمعنى أن قيمة العملة الوطنية تراجعت بمقدار 3000 مرة، في حين أن رواتب العمال زادت بمقدار 1000 مرة فقط، ووصلت قدرتهم الشرائية إلى الثلث.
وفيما يتعلق بتداعيات ارتفاع سعر الصرف وازدياد السيولة النقدية، كتبت صحيفة “وطن امروز” في 24 أكتوبر 2020: ” تُظهر الدراسات أن ارتفاع سعر الصرف وازدياد السيولة النقدية من العوامل الأساسية للتضخم في البلاد، وأن توقع حدوث تضخم وغياب المراقبة على الأسواق وتفشي وباء كورونا من العوامل الثانوية “.
وكتبت صحيفة “جهان صنعت” في 5 أكتوبر 2020: “يبلغ راتب العامل حاليًا 2,800,000 تومان، ونظرًا لأن خط الفقر 10 ملايين تومان، فإن نصف الشعب يعيش في فقر مدقع.
“ولا شك في أن خط الفقر البالغ 10,000,000 تومان أقل من الواقع، ولكن باعتبار أن عدة أفراد في إيران يتقاضون راتبًا يتجاوز الـ 10,000,000 تومان يصبح مدى الفقر واضحًا”.
ومن بين الأسباب الرئيسية لانهيار الاقتصاد الإيراني إلى هذه الدرجة المروعة وربطه بالتضخم المفرط هو زيادة حجم السيولة النقدية وتراجع قيمة العملة الوطنية بسبب قيام نظام الحكم المعادي للشعب بطباعة الأوراق النقدية دون غطاء.
واستنادًا إلى تصريحات عبد الناصر همتي، فإن حجم السيولة النقدية ازداد بنسبة 12 في المائة اعتبارًا من نهاية الربع الأول من عام 2020 حتى الثلث الأخير من شهر أغسطس 2020 ووصل إلى 2976 ألف مليار تومان. (موقع “اقتصاد آنلاين”، 25 أغسطس).
هذا ويؤدي هذا الحجم الضخم من السيولة النقدية إلى حدوث تضخم مطلق العنان في إيران. تضخمٌ قال عنه البروفيسور هينكه، أستاذ الاقتصاد الأمريكي، إنه يبلغ حوالي 150 في المائة.
وفيما يتعلق بازدياد السيولة النقدية والكارثة التي سببتها الحكومات المناهضة للشعب لاقتصاد البلاد، قال أكبر تركان، أحد الوزراء السابقين: ” إن كل من تولى رئاسة الجمهورية سعى إلى تعويض العجز في ميزانيته عن طريق طباعة الأوراق المالية.
وحقيقة الأمر هي أن طباعة الأوراق المالية والاقتراض من البنوك لتعويض العجز في الميزانية يؤدي إلى زيادة حجم السيولة النقدية بشكل مروع، و… إذ إنه عندما تزداد السيولة النقدية، فإن الإنتاج الوطني لا يتماشى مع هذه الزيادة، مما يؤدي إلى التضخم”. (صحيفة “رسالت”، 31 يوليو 2019).
وفيما يتعلق بتسارع زيادة السيولة النقدية خلال الأشهر الـ 6 الماضية وحدوث تضخم في الاقتصاد، كتبت صحيفة “وطن امروز” : ” إن معدل نمو القاعدة النقدية والسيولة النقدية في ربيع 2020 وصل إلى 8,8 في المائة و 5,7 في المائة على التوالي. كما أن نمو السيولة النقدية بنسبة 34 في المائة ونمو القاعدة النقدية بنسبة 39 في المائة خلال الـ 12 شهرًا المنتهية في يونيو 2020 تشير جميعها إلى أن الاقتصاد شهد في ربيع عام 2020 والـ 12 شهرًا المنتهية في يونيو 2020 تضخمًا نقديًا وزيادةً في حجم السيولة النقدية والقاعدة النقدية بشكل أسرع من ذي قبل”. (صحيفة ” وطن امروز “، 24 أكتوبر 2020).
والحقيقة المؤكدة هي أن طباعة الأوراق المالية وإنتاج الأموال بدون غطاء وتراجع قيمة العملة الوطنية؛ يعني السرقة المباشرة لأجور الكادحين المستمرين في عملهم بجدية كما كانوا يفعلون بالأمس، بيد أن رواتبهم لا تساوي قيمة ما كانت عليه بالأمس، وبالتالي يزدادون فقرًا كل يوم.
ومن باب الحماقة، يلقي حسن روحاني باللوم على الناس في كل هذا الارتباك والفوضى ويقول إن المواطنين يحتكرون 40 في المائة من الأدوية والمواد الغذائية في المنازل ويهدرونها.
ويدل ما يدعيه حسن روحاني كذبًا كعادته على أن نظام الملالي لا يريد ولا يستطيع أن يفعل أي شيء، ولهذا السبب، يجب علينا أن نتوقع المزيد من تراجع قيمة العملة الوطنية وعواقبها الكارثية على حياة أبناء الوطن”.
ومن المؤكد أن تسارع تفشي الفقر بين أبناء الوطن ينطوي على عواقب مميتة بالنسبة لنظام الملالي، مثل اندلاع الانتفاضات خلال السنوات الأخيرة، ولاسيما انتفاضة الشعب في نوفمبر 2019 احتجاجًا على ارتفاع أسعار البنزين.