
الكراهية تعطي الذرائع للمتطرفين الإسلامين في طهران
مارتن باتزليت، عضو البرلمان الاتحادي الألماني
بقلم مارتن باتزليت
مجلة فرايتاج الألمانية
إن التطرف لم يحقق أي نتيجة منشودة على الإطلاق ويشكل كارثة عند ارتباطه بالدين في أي مكان في العالم. فليس هناك فرق فيما إذا كان التطرف داعشيًا أو ناجمًا عن ثقافة الطوائف المتعصبة في مختلف الأديان أو من غير ذلك من أشكال الانتهاك والعدوان باسم الدين.
إذ إن نتيجة مثل هذه العصبيات المتطرفة ليست سوى المعاناة والموت والكراهية ولا تسفر عن تقديم أي مساعدة من شأنها أن تحسن من وضع الناس على الإطلاق.
فالتطرف الإسلامي يتسبب في جلب العديد من الأعداء في المشهد لدرجة أن بعض الأيديولوجيات السياسية تصوغ برامجها بشكل أساسي وموجه بحيث تكون مناهضة للدين.
وبهذه الطريقة، ينتهي بهم الأمر إلى ارتكاب نفس الخطأ الذي يقع فيه المتدينون المتعصبون الذين يحاربونهم.
لذلك فإن أصحاب هذه الأيديولوجيات السياسية يطردون من بينهم كل من يؤمنون بتبني نظرية ” ما لم تكن صديقي، فأنت عدوي” تجاه من لا يقبلون آرائهم ووجهات نظرهم السياسية.
إن وجود هذا الفكر المتناقض، على سبيل المثال، هو التفكير السائد في مجتمعنا بعد الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001. كما أن معاداة السامية على مدى قرون عديدة لها جذور راسخة في العصبيات الدينية.
ومن هذا المنطلق دائمًا ما كانت العصبيات الدينية سببًا جديدًا في التعصب والكراهية والعنف، ودائمًا ما تدفعنا ومجتمعنا نحو التخلف وتعيق تقدم البشرية في الكفاح من أجل المحافظة على حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية.
لقد شاهدت مثل هذا التدريب على الرزانة والتسامح بين حركة المعارضة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. وليس الإيرانيين المسلمين في هذا المجلس هم المنهمكين في ممارسة نشاطهم فحسب، بل كذلك المسيحيون والملحدون والمؤمنون من ديانات أخرى.
وقد جربت ذلك بنفسي في اجتماعات هذه الحركة في باريس وبرلين. والجدير بالذكر أن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وقوته المحورية، أي مجاهدي خلق يقدمون طريقةً وأسلوبًا مختلفًا للحياة، وهو طريق التفاهم والاحترام بين الأديان ووجهات النظر العالمية الأخرى.
ومما يتميز به مجاهدو خلق والمقاومة الإيرانية هو رغبتهم وسعيهم الدؤوب في فصل الدين عن السياسة ومعارضتهم لجميع أشكال التطرف.
كما أنهم يقبلون النقد البناء لدينهم ومنظمتهم، ويتطلعون إلى التعاون مع الآخرين لبناء عالم أفضل وسلمي. عالمٌ تحترم فيه جميع الأديان بعضها البعض وتكمّل بعضها البعض، في إيران وفي جميع أنحاء العالم، بدلًا من قتال بعضهم البعض.
وعلى عكس الكتابات غير الجيدة المفعمة بالكراهية، على سبيل المثال، مثل الرسالة التي تلقيتها من السيدة مينا أحدي، من الحزب الشيوعي العمالي، فهي رسالة لن تدفعنا للمضي قدمًا في طريقنا، حيث تدعو إلى الكراهية العامة للإسلام والاستبعاد وعدم التفريق بين النقد والافتراء على مجاهدي خلق، وليست مفيدة لأي إنسان.
والجدير بالذكر أن الملالي يُسيئون استخدام معتقدات الإيرانيين بسبب تفسيرهم للقرآن المتسم بالتعصب، ويعتبر هذا الأمر ضربة قوية ساحقة للإسلام والإيرانيين ويجب أن نضع حد لها.
وعندما يكون هناك بديل ليس متطرفًا ولا يسعى إلى نشر الكراهية، فإنه لا ينبغي أن يلعب ما يؤمن به أو ما لا يؤمن به أعضاء هذا البديل دورًا في هذه الأثناء.
ومن يدعي معارضة نظام الملالي ويرى أن من واجبه محاربة جماعة المعارضة الإيرانية الرئيسية، فإنه يضل عن محاربة الديكتاتور الحاكم في إيران ويضعف المقاومة ويعرّض نفسه لخطر استئصاله من دائرة المعارض. وهذا ما فعلته السيدة أحدي وهي غير مستعدة لقبول أي نقد.
المسيحيون والملحدون يعملون سويًا من أجل المقاومة
والجدير بالذكر أن العديد من الألمان المؤيدين للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية هم من المسيحيين. وشكل الديمقراطيون المسيحيون الحكومة في بلادنا خلال السنوات الماضية ومازالوا يشكلونها الآن. وكان العديد من السياسيين ولا يزالون من القساوسة وهم مريدون نشطاء للديانة المسيحية.
إن جناح المؤيدين الألمان للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية من بين أولئك الذين تعاطفوا مع تعاليم يسوع المسيح أكثر من الكهنة الذين كرسوا حياتهم لله ويسوع المسيح. ويمارس كل هؤلاء إلى جانب الملحدين نشاطهم من أجل نصرة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
ولا أحد يريد أن يرشد الآخر إلى طريقه، فالجميع يركزون على النضال من أجل إرساء الحرية والديمقراطية في إيران ووضع حد لأسوأ أشكال التطرف الموجود حاليًا في العالم.
حيث يقمع الملالي كل من لا يؤمن بتفسيرهم ويقتلوه، نظرًا لأنهم يكنون الكراهية للمعارضين. ويكمن الرد الوحيد على ذلك في التعاون الصادق بين جميع الأديان والتيارات السياسية التي تلتزم بميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فهم متحدون مع بعضهم البعض في النضال ضد التطرف، بغض النظر عن العلم الذي ينضوون تحته من أجل إرساء الحرية وتحديد مصير الشعوب.
ومن المؤسف حقًا، أن حكام إيران ارتكبوا مذبحه كبرى في عام 1988، على أيدي لجنة الموت راح ضحيتها 30,000 سجينًا سياسيًا في غضون شهور قليلة.
وغالبًا ما كان يتم في هذه اللجنة طرح سؤال واحد فقط على السجين السياسي حول ما إذا كان أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية والشيوعيين على استعداد للتخلي عن معتقداتهم من عدمه. وكانوا يعدمون كل من رد بالنفي سواء كان رجلاً أو امرأةً حامل أو قاصرًا. ويجب أن يذكرنا هذا بأن التطرف يقضي على كل معارضيه سواء أكانت المعارضة شكلية أم حقيقية.
وهذا الأمر يشبه حقبة محاكم تفتيش المعتقدات في أوروبا.
ويبدو أن السيدة أحدي وحزبها المستقل لا يرضون بأي شيء أقل من الرفض الكامل لحركة المعارضة التي يمثلها مجاهدي خلق. ويعتبر هذا النهج مناهضًا للديمقراطية.
وإذا أردنا وضع حد لنظام الملالي والتطرف يجب أن نشير إلى أننا تعلمنا من التاريخ، ولاسيما تاريخنا أن الصبر والرزانة والاحترام المتبادل وقبول النقد ليس مرهونًا بنقاط قوتنا وضعفنا، نظرًا لأن قبول المصالحة والقدرة على التوصل إلى اتفاق من خلال تقديم تنازلات متبادلة هو جزء من تقدم البشرية.
* مارتن باتزليت، عضو البرلمان الاتحادي الألماني من الحزب الديمقراطي المسيحي وعضو مجلس إدارة اللجنة الألمانية للتضامن من أجل إيران حرة.