
فعلت فعلها في ذلك اليوم المشهود، فكانت تكر على العزل من رعايا المعسكر كجلمود صخر حطه السيل من عل، فلا شيء يوقفها وهي تتمايل بينهم، وتصدم بعضهم، إلا أوامر فارسها الجسور، وقد سارت الركبان بأخبار ما وقع من الهمر وهم يرددون "سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين". فكان يوم دخول معسكر أشرف يوما مشهودا، وزينت البلاد سبعة أيام، ونودي في بغداد باكتمال السيادة، وبسط سلطة الدولة وممارستها بكل حزم، وتغيير اسم المعسكر إلى "العراق الجديد" ".
فائـدة: جاء في معجم العين للفراهيدي، بتحقيق الشيخين د.مهدي المخزومي و د. إبراهيم السامرائي، في باب الغين والزاي: "غزو: غزوت أغزو غزوا، والواحدة غزوة. ورجل غزوي أي غزاء. والغزي: جماعة الغزاة مثل الحجيج، قال: قل للقوافل والغزي إذا غزوا. والغزى: جمع غاز على " فعل ". والمغزاة والمغازي: مواضع الغزو، وتكون المغازي مناقبهم وغزواتهم. وجاء في باب الشين والدال والفاء "الشدوف: الشخوص، الواحد: شدف. ويقال: شدف الفرس شدفا، إذا مرح، فهو شدف أشدف، ويقال: كل من خالف، وتمايل فقد شدف شدفا فهو شدف أشدف".
ببساطة لم أجد أبلغ من هذا المدخل، الذي يستعيد خطابا من زمن المماليك، وكتاب "بدائع الزهور في عجائب الدهور" لابن إياس، للحديث عما جرى ويجري في معسكر أشرف منذ يوم الثلاثاء الماضي، ولو كنت أجيد الاسبانية لأستشهدت ربما برواية "دون كيخوتة" أو "دون كيشوت" لسرفانتس؛ حيث الفارس، في عصر انتهاء الفروسية، يقاتل طواحين الهواء توقا إلى البطولات الزائفة.
لقد حاول الخطاب الرسمي تصوير المسألة على أنها تأتي ببساطة في إطار مساعيها لبسط سيادتها على مختلف أراضيها، بعد انسحاب القوات الأميركية من المدن والبلدات العراقية، وأشار الخطاب إلى ان القوات الأمنية العراقية ستتولى حماية أمن الأفراد داخل المعسكر، كما صرح الناطق باسم الحكومة العراقية.
كنا سنصدق هذا الخطاب "السيادي"، لو أن الحكومة تعاملت مع الموضوع ضمن إطاره القانوني البحت: مفاوضات جدية لترتيب الأوضاع بعد انسحاب الأميركيين من المعسكر؛ إشراك منظمات الصليب الأحمر، والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، ومنظمة الهجرة الدولية في التفاوض وإيجاد الحلول المناسبة؛ تطبيق المبادئ القانونية الدولية الخاصة باللاجئين، ولكن كل هذا لم يحدث.
وكنا سنصدق خطاب الحكومة لو تم عرض الموضوع على مجلس النواب العراقي، قبل عطلته الميمونة، أو على مجلس الرئاسة، أو على المجلس السياسي للأمن الوطني، من أجل الوصول إلى إجماع وطني حول الموضوع.
وكنا سنصدق خطاب الحكومة لو لم ترسل أكثر من ألف شرطي وجندي، أي وزارتي الداخلية والدفاع، وعشرات الآليات العسكرية، وآليات الدفاع المدني، من أجل اقتحام موقع مدني بكل معنى الكلمة (بعد نزع تام لأسلحة المنظمة منذ نيسان 2003)؛ أي بمعدل جندي واحد أو شرطي واحد لكل ثلاثة لاجئين، بينهم ألف امرأة، ومئات الأطفال.
وكنا سنصدق خطاب الحكومة لو لم تمنع الإعلام حتى اللحظة من تغطية ما حدث، وما يحدث.
وكنا سنصدق خطاب الحكومة لولا آلاف التصريحات على مدى السنوات السبعة الماضية، ومن الجهات الرئيسة في السلطة العراقية ضد المنظمة التي كانت الشغل الشاغل لمستشارية الأمن الوطني العراقي قبل إلغائها، وكان من ضمن التصريحات، قول موفق الربيعي في طهران في كانون الثاني 2009: " إن معسكر أشرف سيصبح خلال شهرين جزءًا من التاريخ" كما جاء في صحيفة كريستيان ساينس مونيتر.
وكنا سنصدق خطاب الحكومة لولا إسراعها بتغيير اسم المعسكر في خطوة أقل ما يقال عنها أنها رمزية من اجل الإيحاء بانتهاء المشكلة، ومن أجل تكريس انتصارها المفترض عبر اللغة.
وأسأل أخيرا: هل كان هذا الاستعراض يستحق ان يقتل من أجله سبعة أو احد عشر من اللاجئين، تبعا للمصادر المختلفة، وإثنان من الأمن العراقي، ويجرح المئات من الطرفين؟ ومن يتحمل دماءهم؟
بطولة لا معنى لها، وحسابات خاطئة، واستدعاء لأهواء وتحيزات شخصية، وإلغاء مرة أخرى لمنطق الدولة الحديثة ودورها في العقلنة.
يحيى الكبيسي
فائـدة: جاء في معجم العين للفراهيدي، بتحقيق الشيخين د.مهدي المخزومي و د. إبراهيم السامرائي، في باب الغين والزاي: "غزو: غزوت أغزو غزوا، والواحدة غزوة. ورجل غزوي أي غزاء. والغزي: جماعة الغزاة مثل الحجيج، قال: قل للقوافل والغزي إذا غزوا. والغزى: جمع غاز على " فعل ". والمغزاة والمغازي: مواضع الغزو، وتكون المغازي مناقبهم وغزواتهم. وجاء في باب الشين والدال والفاء "الشدوف: الشخوص، الواحد: شدف. ويقال: شدف الفرس شدفا، إذا مرح، فهو شدف أشدف، ويقال: كل من خالف، وتمايل فقد شدف شدفا فهو شدف أشدف".
ببساطة لم أجد أبلغ من هذا المدخل، الذي يستعيد خطابا من زمن المماليك، وكتاب "بدائع الزهور في عجائب الدهور" لابن إياس، للحديث عما جرى ويجري في معسكر أشرف منذ يوم الثلاثاء الماضي، ولو كنت أجيد الاسبانية لأستشهدت ربما برواية "دون كيخوتة" أو "دون كيشوت" لسرفانتس؛ حيث الفارس، في عصر انتهاء الفروسية، يقاتل طواحين الهواء توقا إلى البطولات الزائفة.
لقد حاول الخطاب الرسمي تصوير المسألة على أنها تأتي ببساطة في إطار مساعيها لبسط سيادتها على مختلف أراضيها، بعد انسحاب القوات الأميركية من المدن والبلدات العراقية، وأشار الخطاب إلى ان القوات الأمنية العراقية ستتولى حماية أمن الأفراد داخل المعسكر، كما صرح الناطق باسم الحكومة العراقية.
كنا سنصدق هذا الخطاب "السيادي"، لو أن الحكومة تعاملت مع الموضوع ضمن إطاره القانوني البحت: مفاوضات جدية لترتيب الأوضاع بعد انسحاب الأميركيين من المعسكر؛ إشراك منظمات الصليب الأحمر، والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، ومنظمة الهجرة الدولية في التفاوض وإيجاد الحلول المناسبة؛ تطبيق المبادئ القانونية الدولية الخاصة باللاجئين، ولكن كل هذا لم يحدث.
وكنا سنصدق خطاب الحكومة لو تم عرض الموضوع على مجلس النواب العراقي، قبل عطلته الميمونة، أو على مجلس الرئاسة، أو على المجلس السياسي للأمن الوطني، من أجل الوصول إلى إجماع وطني حول الموضوع.
وكنا سنصدق خطاب الحكومة لو لم ترسل أكثر من ألف شرطي وجندي، أي وزارتي الداخلية والدفاع، وعشرات الآليات العسكرية، وآليات الدفاع المدني، من أجل اقتحام موقع مدني بكل معنى الكلمة (بعد نزع تام لأسلحة المنظمة منذ نيسان 2003)؛ أي بمعدل جندي واحد أو شرطي واحد لكل ثلاثة لاجئين، بينهم ألف امرأة، ومئات الأطفال.
وكنا سنصدق خطاب الحكومة لو لم تمنع الإعلام حتى اللحظة من تغطية ما حدث، وما يحدث.
وكنا سنصدق خطاب الحكومة لولا آلاف التصريحات على مدى السنوات السبعة الماضية، ومن الجهات الرئيسة في السلطة العراقية ضد المنظمة التي كانت الشغل الشاغل لمستشارية الأمن الوطني العراقي قبل إلغائها، وكان من ضمن التصريحات، قول موفق الربيعي في طهران في كانون الثاني 2009: " إن معسكر أشرف سيصبح خلال شهرين جزءًا من التاريخ" كما جاء في صحيفة كريستيان ساينس مونيتر.
وكنا سنصدق خطاب الحكومة لولا إسراعها بتغيير اسم المعسكر في خطوة أقل ما يقال عنها أنها رمزية من اجل الإيحاء بانتهاء المشكلة، ومن أجل تكريس انتصارها المفترض عبر اللغة.
وأسأل أخيرا: هل كان هذا الاستعراض يستحق ان يقتل من أجله سبعة أو احد عشر من اللاجئين، تبعا للمصادر المختلفة، وإثنان من الأمن العراقي، ويجرح المئات من الطرفين؟ ومن يتحمل دماءهم؟
بطولة لا معنى لها، وحسابات خاطئة، واستدعاء لأهواء وتحيزات شخصية، وإلغاء مرة أخرى لمنطق الدولة الحديثة ودورها في العقلنة.
يحيى الكبيسي