الراي الاردنية- حازم مبيضين: ليس هناك شك في أن البعض سيصفق لإعلان الرئيس الايراني، أن بلاده لا تخشى فرض عقوبات جديدة عليها بسبب برنامجها النووي، وتحديه لوكالة الطاقة الذرية، واعتباره أنها لا تملك الحق القانوني، بالنظر في الانباء الاستخباراتية حول عسكرة ذلك البرنامج. ذلك أن المصفقين ليسوا من بين من تطالهم عواقب تلك العقوبات، ولأنهم بعيدون عن نيران الحرب لو اشتعلت، فانهم يبدون كمن يصفق في عرس الجيران، مؤكدين صحة المثل القائل، إن من يده بالنار ليس كمثل من يده في الماء.ومع هؤلاء يمكن أن ندرج ببساطة الرئيس نجاد الذي يشكر الله كلما ازدادت العقوبات، لانها كما يقول تدفع بلاده إلى تحقيق انجازات تكنولوجية، بل لانه لن يتأثر بها شخصياً هو والدائرة المحيطة به.
ويبدو أن اطلاع نجادي على القوانين الدولية، يمنحه الحق في تأكيد أنه ليس لدى وكالة الطاقة الذرية حق قانوني، للنظر في تقارير استخباراتية تفيد بمحاولة ايران عسكرة برنامجها النووي، وهو يعتقد أنه إذا كان أحد تقارير الوكالة يثبت الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الايراني، فان ذلك يعني أن على العالم أن يغمض عينيه ويترك لنظامه التحرك بالكيفية التي يعتقد أنها ستتيح له التحول إلى دولة عظمى، تتدخل وتتحكم بكل دول المنطقة استناداً إلى قوتها النووية، ومذهبيتها التي تمنحها الحق في قيادة كل مسلمي العالم، وليس مهماً إلى أين.
والنظام الايراني الذي يطلق على الولايات المتحدة لقب الشيطان الاكبر، ويعتبر أن علاقة أي دولة معها هي علاقة آثمة، يجب على مرتكبها الحج إلى قم للاستغفار، لايجد غضاضة في إعلان استعداد رئيسه للقاء المرشحين للانتخابات الرئاسية الاميركية اوباما وماكين بحضور وسائل الاعلام،وهو يبرر هذا الاستعداد بانهما ليسا مسؤولين في النظام الامريكي الذي يستعد لتنفيذ سياسات واحد منهما، بعد انتخابه رئيساً للدولة العظمى، علماً بأن كليهما يؤكد معارضته لطموحات ايران النووية، نجاد يدرك ذلك، لكنه يسعى كعادة الساسة الايرانيين لذر الرماد في العيون، وهو يبشرنا بأن العالم على أعتاب الدخول في عهد جديد بعد انهيار عهد سلطة الكذب والفساد طبعاً في إشارة إلى أن قدرة الهيمنة الاميركية تتجه إلى الزوال.
وفي ظل وهمه أن العالم سيسكت على تحول الحرس الثوري وفيلق القدس إلى قوة نووية، أخذته العزة فطالب مجلس الأمن الدولي، بالموافقة على انضمام بلاده كعضو غير دائم في المجلس لأن وقت عضوية إيران قد حان.أليست قوة نووية يجب أخذ ما تمتلكه من سلاح بعين الاعتبار.ثم انها دولة نفطية ؟ وإن كان ذلك غير واضح على حياة شعوبها ؟ وذلك يمنح نجاد حق المساومة على أسعار هذه السلعة الحيوية، ويؤكد أنه ليس من الممكن تحديد سعر عادل للنفط، إلابعد استقرار الظروف الاقتصادية.معتقداً أن بلاده ستعاني أقل من غيرها بسبب اضطرابات اسواق المال، وهو بعد ذلك كله يؤكد أن ادارته ستمضي قدما في خطة الاصلاح الاقتصادي رغم انخفاض أسعار النفط.
الطريف حقاً أن نجاد يتوهم أن متطوعين من اليابان ودول شرق اسيا وحتى اميركا، مستعدون للوقوف إلى جانب بلاده، فيما لو تعرضت لعمليات عسكرية أميركية، واعترف أن هناك مجموعات مؤمنة بسياسات ايران في إحدى الدول المحيطة، مستعدة أيضا للقتال الى جانب فيلق القدس، إن لم تكن نفسها فصيلاً عاملاً فيه.
من واشنطن، مروراً بكل دول منطقة الشرق الاوسط وعواصم الغرب، وصولاً إلى موسكو وبكين، يقف العالم ضد برنامج ايران النووي والنتائج الكارثية المنتظرة من امتلاكها له، أو الحرب التي قد تشن ضدها لمنعها من امتلاك اسلحة دمار شامل.وحده الرئيس أحمدي نجاد مؤيداً بفتاوى الولي الفقيه يؤمن بغير ذلك، وهو يجر بلاده والمنطقة إلى كارثة محققه، تستكمل كارثة العراق، التي كان المسبب الرئيسي لها عناد صدام وفوقيته وقناعاته الواهمة.
حازم مبيضين