سفيان عباس: كثيرة هي الخطط الأمنية التي تحمل المسميات البراقة منها السهم الخارق والبارق والرعد والوعد والزئير والأثير والسلام والبشائر فكل حملة لها اسمها وشهابها والنتيجة واحدة دون تحقيق النتائج الملموسة على الارض . بدءا من البصرة مرورا بباقي المحافظات بغداد ـ ديالى ـ الرمادي ـ الموصل ـ كركوك ـ مدينة الصدر . حيث تعاد الحملات مجددا لمرات عديدة ولجميع المناطق المذكورة.
فقد شهدت محافظة ديالى أكثر من حملة ولم يتم السيطرة او القضاء على الجماعات المسلحة والإرهابية المدعومة من إيران بعد ضبط كميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والصواريخ والقاذفات المصنعة حديثا في المصانع العسكرية الإيرانية وغالبا ما تعرض تلك المضبوطات عبر الفضائيات .
والغريب ان الحكومة العراقية لا تريد الاعتراف بهذه الحقيقية بالرغم من مرافقة هذه الحملات الأمنية الواسعة إعلام إيراني مضاد الى المعارضة الإيرانية المتواجدة على الأراضي العراقية مما يعزز الشكوك بالدور التخريبي الذي يلعبه نظام طهران في الملف الأمني من خلال دعمه للمليشيات والجماعات الإرهابية المسلحة.
ومما لا شك فيه انه يملك أبواقا مأجورة مسخرة لهذا الغرض بمختلف القنوات الإعلامية المسموعة والمرئية والمقروءة.
ان الجانب الأميركي يعرف خفايا الأمور وظواهرها ويدرك تماما خطورة الدور الإيراني في زعزعة الأوضاع الأمنية والسياسية والاجتماعية العراقية . ففي محافظة ديالى التي تربطها حدود شاسعة مع إيران تتواجد قوات وأجهزة مخابراتية وعناصر جيش القدس بأعداد هائلة لم تتمكن القوات الأمريكية المشتركة القضاء عليها رغم عدة حملات فأن القنوات الإعلامية ما برحت رمي السهام على المعارضة المحمية من قبل القوات المتعددة الجنسيات التي تسكن نفس المحافظة . أما في المناطق الأخرى كالمحافظات الوسطى والجنوبية فأن الأوضاع لازالت مهيمن عليها من القوات التابعة للنظام الإيراني بشكل مباشر.
هو هذا الرهان الذي عول عليه نظام إيران بشأن إفشال المشروع الأمريكي في العراق والمنطقة لكي ينأى بنفسه عن عواصف التغيير الديمقراطي المحتمل. ان رسم الخطط العسكرية كما هو معروف تتم وفق تكتيكات سرية لم يعلن عنها على قاعدة مباغتة العدو إلا ان الملاحظ في الحملات العراقية ضد المسلحين يتم الإعلان عن بدئها منذ فترة تسبق الحملة لكي تمكن عدوها من مغادرة المنطقة.
هذا التكتيك الحكومي يعطي عدة انطباعات وتأويلات وشكوك حول مسألة الاختراق الإيراني للأجهزة الاستخبارية العراقية بدليل ان اغلب المطلوبين يهربون باتجاه الحدود الإيرانية . وما حدث في محافظة ميسان مؤخرا وكميات الأسلحة المضبوطة بحوزة الخارجين عن القانون والمصنعة في ايران حديثا والذين هبروا صوب العمق الايراني.
هل هنالك من قناعات تحتاج الى تأكيد او دليل ملموس ؟ نترك الإجابة الى قوات الاحتلال الأمريكي صاحبة اكبر الأدلة على الارض ولديه الوثائق المشهودة المعززة بالتقارير المخابراتية ؟ ان طبيعة العمل العسكري تنحصر دائما بألاهداف المحددة لها ألا وهي القضاء النهائي على العصيان والعصابات المسلحة أيا كان مصدره ولن تترك الارض المحررة سائبة لكي لا تعود مجددا الى الوضع الذي سبق العملية العسكرية هذه من بديهيات الخطط الحربية . إلا ان الصولات الأمنية والعمليات القتالية التي تنفذها الحكومة العراقية تعد غريبة في أسلوبها غير المعتاد لدى العقائد العسكرية العالمية حتى تلك التي تتعلق بالعناصر غير النظامية او حرب العصابات حيث ان جيوش العالم تمتلك من الصنوف في مختلف التشكيلات المقاتلة من دروع وقوات خاصة ومشاة معدة خصيصا لمقاتلة مثل هذه الجماعات المسلحة . صحيح ان الجيش العراقي لازال في بداياته إلا انه بإمكانه التحكم بمجريات العمليات الحربية وملاحقة تلك العصابات.
ولكن الذي يحصل الان لا يدخل ضمن أي تقييم عسكري او تعبوي لقد رأينا ما حصل في محافظة ديالى وتحديدا عملية السهم الخارق التي استمرت حوالي عشرة أشهر بلا نتائج او محصلة ممكن ان نقول عنها أدت إغراضها المرسومة ولعل الأسباب تكمن وراء المستترات المتعلقة بتدخل النظام الايراني بشكل مباشر لإفشال كل الخطط الأمنية للحكومة لأنه المستفيد الوحيد من حالة الاضطراب العام للعراق؟
محامي عراقي