فلاح هادي الجنابي – الحوار المتمدن : بعد أکثر من 37 عاما من سياسة اللف و الدوران و الاحتيال و المکر و الخديعة التي استخدمها و يستخدمها النظام الايراني مع المجتمع الدولي، و التي کان من خلالها يقوم بإستغلال عامل الزمن لصالح برامجه و أجندته المشبوهة، يبدو أنها قد أوصلته أخيرا الى مفترق طرقات تکتنف معظمها الضباب و الغموض.
هذا النظام الذي تمادى في غيه و بالغ في غطرسته و جنون عظمته و لم يستمع او يصغي لمنطق العقل و الحکمة أبدا طوال الاعوام المنصرمة من عمره الاسود، وبعد أن إستنفذ المجتمع الدولي مختلف الخيارات المطروحة أمامه للتعامل و التعاطي معه لحل الإشکالات العالقة”الکثيرة”معه و على رأسها برنامجه النووي المشبوه، لم يجد أمامه”أي المجتمع الدولي” من طريق سوى إبرام إتفاق معه على أمل أن يحد هذا الاتفاق و يکبح من تطلعاته العدوانية و الشريرة و تضع حدا لنشاطاته و تحرکاته المشبوهة، لکن هذا النظام ومن خلال تمسکه بنهجه المراوغ و المخادع فقد لجأ الى عملية خلط في الاوراق يهدف من ورائها الخروج بجرته سالمة، وهو يسعى لإستخدام الروس کأداة من أجل ذلك لکن الذي فات هذا النظام الجاهل، إن الروس لهم مصالحهم و أجندته الخاصة التي لاتتفق بالضرورة مع أهداف و غايات الملالي.
التشديد و التضييق على النظام الايراني من جانب المجتمع الدولي، تشاء الاقدار أن يصادف مع مرحلة يعاني فيها هذا النظام من العديد من المشاکل و الازمات الحادة على مختلف الاصعدة خصوصا على الصعيد الداخلي حيث يزداد الرفض الشعبي لسياسات النظام و تتسع الهوة بين النظام و بين الشعب بحيث أن العديد من رؤوس النظام باتوا يتخوفون من هذه المسألة و يطالبون بإيجاد حل مناسب لها قبل أن تتفاقم الامور و تصل الى نقطة اللاعودة ولاسيما فيما يتعلق بالفساد الذي تجاوز کل الحدود المأللوفة، لکن، وفي ظل تفعيل العقوبات الامريکية و الاوربية والتي هي الاقسى و الاکثر تأثيرا في تأريخ النظام خصوصا وإنها تأتي بعد الاتفاق النووي، فإن خيارات الملالي المتاحة لحل و معالجة الاوضاع الاقتصادية الداخلية ستکون قليلة جدا بل وحتى تقترب من حافة المستحيل، والذي يدفع للإعتقاد بأن خيارات النظام ستضييق و تضييق أکثر فأکثر هو العزم و التصميم الدوليين على المضي قدما في هذه السياسة الجديدة، التي لاتعتمد على الاتفاق النووي الذي کما يظهر لم يحد أبدا من الدور المشبوه للنظام في المنطقة کما إنه لم يکبح من جماح عدوانيته ضد شعبه.
المقاومة الايرانية التي طالبت المجتمع الدولي دائما و حثته على إتباع سياسة متشددة مع النظام الايراني و أکدت مرارا و تکرارا من أن هذا النظام لايفهم و لايرعوي إلا بمنطق و اسلوب القوة، أکدت أيضا بأن الحل لايکمن في ممارسة الضغوطات السياسية و الاقتصادية الدولية لوحدها فقط على الرغم من تأثيرها، وانما يجب أن يشفع ذلك بدعم و مساندة الشعب الايراني و المقاومة الايرانية في النضال و الکفاح من أجل الحرية و الديمقراطية إذ أن إغناء الموقف الدولي المتشدد من النظام بهذا البعد الاضافي المهم و الحساس جدا سيکون من شأنه جعل العقوبات في منتهى التأثير و يعجل بنتائجها المرجوة.