كتبت صحيفة «صنداي تلغراف» البريطانية في عددها الصادر يوم أمس حول النظر في قضية استئناف الحكومة البريطانية بعد ادانتها في محكمة بوئك تقول: صباح الغد سيصدر اللورد فيليبس كبير القضاة في المحكمة العليا والقاضي الاقدم في بريطانيا الحكم في قضية تحال اليه هي الاغرب من نوعها ومن الناحية السياسية هي الاكثر انتهاكاً لحد الآن. انه سينظر مع قاضيين اثنين آخرين في محكمة الاستئناف في طلب جكي اسميث وزيرة الداخلية للطعن على القرار الذي يأمر وزيرة الداخلية والحكومة البريطانية بوقف انتهاك القانون في قضية يعود سببها ارضاء النظام الاجرامي الحاكم في ايران الذي يزود الارهابيين المعارضين لنا في افغانستان والعراق بالسلاح بالإضافة إلى جرائم أخرى.
ان التداعيات السياسية لهذا الملف واسعة النطاق جداً حيث طفت على السطح منذ الآن فضيحة الحكومة البريطانية بشكل ملفت. فإن الحكومة البريطانية لم تضلل حلفاءنا في الاتحاد الاوربي بجرهم الى مبادرة خاطئة اعتبرتها محاكم الاتحاد الاوربي نفسها غير شرعية فحسب وإنما أصبحت الآن موضع انتقاد وادانة متزايدة من قبل الجمعية النيابية في المجلس الاوربي. ان هذا القرار تم تبنيه بالاجماع تقريباً كما هو مدعوم من قبل جان برسكات رئيس الوفد البريطاني.
وبدأت القصة العجيبة في عام 2001 عندما قام جك استرو وزير الداخلية آنذاك وبتوصية من وزارة الخارجية بالرضوخ لطلب الحكومة الايرانية بتصنيف منظمة مجاهدي خلق الايرانية منظمة ارهابية. ان النظام الحاكم في طهران يرى منظمة مجاهدي خلق الايرانية عدوها الرئيسي لكون المنظمة تشكل الجزء الأكبر في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية وهي حركة تحظى بدعم شعبي واسع وتدعو الى تحرير ايران من الديكتاتورية الثيوقراطية للملالي وتحويلها الى بلد ديمقراطي حديث وسكولاري. ومنذ عام 1979 قتل 120 ألفاً من أنصار المجلس الوطني للمقاومة الايرانية على أيدي فرق الموت التابعة للنظام.
وأضافت الصحيفة في مقالها: في عام 2002 وباصرار من بريطانيا قام الاتحاد الاوربي هو الآخر باعلان منظمة مجاهدي خلق منظمة ارهابية الا أنه وفي عام 2006 قضت ثاني محكمة عليا في الاتحاد الاوربي بأن هذه التسمية جاءت «غير شرعية». والمدهش أن مجلس الوزراء للاتحاد الاوربي وباصرار من بريطانيا صوت من جديد ليتجاهل قرار محكمته. وفي الصيف الماضي طلب 35 من أعضاء مجلسي العموم واللوردات بينهم وزراء سابقون وقاض سابق في مجلس اللوردات ووزير سابق للداخلية، وبعد رفض طلبهم من قبل الحكومة لرفع الحظر عن المنظمة (طلبوا) من لجنة الاستئناف للمنظمات المحظورة وهي فرع للمحكمة العليا باصدار قرار لعدم شرعية هذا القرار. ففي تشرين الثاني الماضي وبعد 10 أيام من استماع افادات الشهود والادلة كانت بعضها خلف أبواب مغلقة، أصدرت المحكمة العليا قرارها بصراحة بأنه لم يكن بامكان وزيرة الداخلية ولا وزير الخارجية أن يقدما أي وثيقة تثبت ارهابية منظمة مجاهدي خلق الايرانية. وكان رفض الحكومة لرفع الحظر عملاً غير شرعي وغير صائب. وأمرت اللجنة لوزيرة الداخلية بأن تبلغ البرلمان فوراً برفع المنظمة عن قائمة المنظمات الارهابية. وعندما طلبت اسميث الاستئناف واجهت رفض المحكمة لطلبها وقالت المحكمة أنه لا يوجد هناك أفق منطقي للنجاح لها.
وكان آخر أمل للحكومة أن تقنع محكمة الاستئناف بأن تمنح لها حق الطعن. أن يجلس اللورد فيليبس غداً على كرسي القضاء يدل على أهمية الملف بالنسبة للقضاء البريطاني. واذا باءت الحكومة بالفشل حيث لا مكان للعودة فستكون في موضع حقير أمام شركائها في الاتحاد الاوربي الذين حظروا المنظمة بمجرد الحجج التي قدمتها السلطات البريطانية.
الواقع أن موضع التحقير بدأ منذ زمن. ففي كانون الثاني حظي تقرير للمجلس الاوربي الذي ينتقد تصرفات حكومتنا بشدة بدعم أكثر من 100 نائب بينهم السيد برسكات المندوب البريطاني. كما وفي بيان له أعلن البرلمان الاوربي في 31 من كانون الثاني 2008 أن المحكمة العليا أمرت الحكومة البريطانية برفع الحظر عن منظمة مجاهدي خلق الايرانية.
واختتمت «صنداي تلغراف» مقالها بالقول: النظام الحاكم في طهران زاد من وتيرة ماكنة الاغتيالات منذ الاسابيع الأخيرة من خلال المزيد من الاعدامات أمام الملأ حيث ارتفعت نسبة أعمال التعذيب وبتر الأطراف وقلع العيون وتلك الممارسات التي كان يشرف عليها الرئيس احمدي نجاد مباشرة عندما كان يعمل في سجن ايفين سيئ الصيت كمستجوب أو محقق. ولكن رغم ذلك فان الحكومة البريطانية تعتمد سياسة استرضاء هذا النظام الذي يدعم حرسه الارهابي الذين يقتلون الجنود البريطانيين وكذلك يعمل على تخصيب اليورانيوم الذي يحتاجه لصنع السلاح النووي. واذا كان هناك أمل للسلام في المنطقة فمحوره هو الايرانيون الذين بامكانهم أن يعودوا بالمنطق والحكمة الى بلادهم، اولئك الذين يبدو أن حكومتنا لا تزال تريد دون وجه حق أن تسحق حقوقهم وتقيد أعمالهم وتضغط عليهم وتضايقهم.